ديوان الهبل،

الحسن بن علي الهبل (المتوفى: 1079 هـ)

«الهبل» الزيدي الثائر المظلوم:

صفحة 17 - الجزء 1

  ولا أزال أذكر ذلك الجدل الذي كنت أستطيبه، وأجده لطيفاً ممتعاً في بادئ الأمر، ثم مللته، وضقت به ذرعاً، لكثرة ما سمعته! وهو يدور بين من قد قطعوا شوطاً في معرفة النحو والصرف عن إعراب لفظة «الإمام»؛ ولماذا نصبها الشاعر؛ كلما قرأوا هذين البيتين

  وليس هذا فحسب بل لقد كنتُ أشعر - مثل سائر زملائي - نحو عائلة «الهبل» المتواضعة الحال، بكثير من الإجلال والتقدير؛ لأنهم كما قيل لنا؛ أسرة شاعر «أهل البيت»؛ وكانت قصائده يترنم بها في الاحتفالات، ومناسبات «العرس» أو «العزاء»؛ ويا ما كان أوقعها في نفسي عندما ينشدها أستاذي الأديب محمد «النعماني»، أو الشاب الظريف عبد الله «الحليلي» ولا سيما قصيدته:

  حتام عن جهل تلوم؟ ... مهلاً فإن اللوم لومُ!

  أو الأخرى:

  لو كان يعلم أنها الأحداق ... يوم النقا؛ ما خاطر المشتاق

  وقد حفظت القصيدتين، أو بعض أبياتهما ولما أتجاوز الخامسة عشر من سني الحياة.

  وإذن؛ فأنا حين أتحدث عن «الهبل» أتحدث حديث ابن بيئته، ورضيع نشأته، وخريج مدرسته، ورفيقه في درب لم أحد عنه يميناً أو شمالاً، إلا بعد أن شب عمرو عن الطوق، أو لم أختلف مع شاعره رأياً وتفكيراً، إلا بعد أن تدافعت بي تيارات ظروفي الأدبية، والعلمية والسياسية، في شتّى الإتجاهات، حتى قذفتني إلى شواطيء بعيدة عن «صنعاء»، ومسجد «الفليحي»، وما حوله من بقاع طيبة الثرى؛ لا زالت سحائب رعاية الله تدرّ الخير على رحابها ..

  والهبل كما قال شيخه أحمد بن صالح بن أبي الرجال: «نشأ على مودة آل محمد ÷ لا يُلويه عن ذلك لاو»، فالتشيع مفتاح شخصيته، فيه يُوالي، وبه يعادي، ويحب ويكره، ويسخط ويرضى، ويخطي ويصيب، وهو زيدي الرأي والأصول؛ ولكنّه - وذلك ما ينطق به شعره - كان متطرفاً مغاليا