«الهبل» الزيدي الثائر المظلوم:
  «شرف الدين»، استطاع أن يطبقها، ولما مات سار على نهجه «المؤيد»، و «المتوكل» ثم «المهدي»؛ وكأن «الهبل» قد لمح بحسه وبصيرته وإخلاصه قرون «الانحراف» تنجم، فأراد أن يقتلعها ... لكنه مات؛ وتعاقب الممثلون للنظرية على المسرح بين موفق ومتعثر حتى جاء «الأتراك» من جديد
  إنها تجارب ألف عام من تاريخ الإسلام، استوعبها «الهبل» ووعى دروسها البليغة؛ ولعل القارئ سيلاحظ إنني قد اقتصرت على ما حدث في محيط «الامامة الزيدية»، ودون أن أتعرض لما حدث لبقية الطوائف التي حكمت أو تحكمت؛ من «زياديين» و «صليحيين» إلى «رسوليين» و «طاهريين»، وسلاطين بني «يُعفر» و حاتم»؛ إذ لم تكن لهم «نظرية» ترتكز دعوتهم على «تطبيقها»، ولقد حاولت إبراز الجانب القاتم المحزن في شبه نقد مرير لطائفتي، وللنظرية التي وهبت نفسي لها، ولأحيائها والدفاع عنها؛ مع أنّي أعرف كما يعرف كل منصف ما للزيدية وأئمتها من فضل على اليمن، وأعلم كما يعلم كل منصف أن أئمتهم - ورغم كل ما قلت - كانوا أفضل من سائر ملوك وسلاطين وأمراء الطوائف الأخرى عبر العصور؛ وانظر ما قاله عنهم الدكتور أحمد محمود صبحي في كتابه «الزيدية».
  أخشى أن أكون قد نسيتُ ما كنتُ أريد الإعراب عنه حول أولئك الذين يجمعهم القاسم المشترك في مبدأ محاربة «الهبل»، وآثاره الشعرية ومنهم هذا «الزيدي» بالوراثة والجغرافيا، والذي لا يعرف عن «الزيدية» ومبادئها شيئا؛ ولكنه قد عاش ونشأ في مجتمع ظلّت ألسنة خطبائه وكتابه وشعرائه تحمل تبعة ما أصاب اليمن من مصائب وكوارث الجهل والفقر والمرض والتخلّف على كاهل «المذهب الزيدي»، وأئمته، كأنهم وحدهم الذين قد استبدوا بالسلطة خلال ألف عام متجاهلين الطوائف الأخرى وحكامها وسلاطينها، وهم أكثر من عشرين دولة وأمارة؛ ويؤكدون بكل وسائل الإعلام أن كل ما كان يجري في اليمن قبل ثورة ١٦٩٢ م ١٣٨٢ هـ إنما يتحمل وزره عقم «المذهب الزيدي»، وعقلية معتنقيه وأئمته، وفقهه، وقد لعبت الطائفية، والعنصرية العرقية، دوراً رهيباً في هذا المسرح الظالم، ولا أريد أن أشير إلى بعض الأسماء، فقد تغيرت أراء البعض منهم وعرفوا أنهم كانوا مخدوعين، أو مسيرين بتيارات سياسية خارجية، لها أطماعها وأغراضها الخاصة في «اليمن»، أثناء تلك الظروف المؤسفة، ولكن أحداً لن ينسى