نسخة الديوان المعتمدة:
  جعلت نسختي «ن» هي العمدة، ولن أتواضع فأقول إني لم أتعب في نسخ وضبط الديوان وترتيبه، واستخراج الكلمات المخدوشة أو المتآكلة ولا سيما قبل العثور على النسخة الفوتوغرافية، بله الترجمة لصاحبه وجامعه ورجاله، فقد كلفني كل ذلك جهداً شاقاً وصرفت فيه من وقتي، ونور بصري، ما يضن به الحريص على صحته ووقته، ولا سيما مع البعد عن المصادر التي لا توجد إلا في اليمن، ولن أبالغ إذا قلت إنه كان من الأسهل علي أن أؤلف ديوان شعر من أن أحقق وأضبط ديوان الهبل، حتى أخرجه للناس هذا الإخراج الذي سيستطيعون به قراءته قراءةً صحيحة، وينطقون شعره كما قاله صاحبه وكتبه جامعه. وذلك حسبي.
  هذا وقد اقتصرت على ضبط الألفاظ التي قد يفتقر إلى ضبطها المبتدؤون. وفسرت بعض الألفاظ تفسيراً لغويا، ولم أكن أتكلّف اختلاق تعبيرات قاموسية جديدة إذا وجدتُ ما في القواميس المشهورة يفيد الطالب، بل إني أفضل نقل نصوصها، وقد استعنت منها بثلاثة؛ القاموس المحيط، وصحاح الجوهري، والمنجد، ولم أكن أعتمد على المنجد فيما يتعلّق بالألفاظ أو التعابير الإسلامية؛ بل إذا لم أجد بغيتي في القاموس أو الصحاح رجعت الى «الطبري» أو «الزمخشري»، وهناك ألفاظ «يمنية» كنت أبذل وسعي في تقريب معانيها الى القراء، وهي قليلة جدا وقد لاحظت الإيجاز جهدي ولم أكرر تفسير ما سبق لي تفسيره إلا نادرا.
  ولعل صورة «الهبل» لن تبرز جليّة شامخة ويتفهم قارئ ديوانه بعض الدوافع والمشاعر التي تكمن وراء بعض قصائده السياسية والمذهبية إلا إذا وضعت بجانبها صورة صديقه وتربه، وجامع ديوانه والذي ظل بعد وفاته يؤمن بما كان يؤمن به صاحبه من مبادئ وأهداف ويدعو إليها، ويجاهر بها، وإن تعدل غلوه وتوقف عن الثلب، غير مبال بما يجابه من خطوب أو يعاني من أرزاء؛ طيلة ستة وثلاثين عاماً - منذ مات «الهبل» في «صنعاء» شهيد الرمد والخيبة والمؤامرات؛ إلى أن توفي، في «عدن» شهيد الحسرة والغربة صديقه «المخلافي»