ديوان الهبل،

الحسن بن علي الهبل (المتوفى: 1079 هـ)

أحمد بن ناصر المخلافي:

صفحة 52 - الجزء 1

  من أموره، وكان كثير العبادة كثير البكاء، دائم الخشية لله، لا يأكل إلا من نذور تصل إليه بعد أن يعلم أنها من جهة تحلّ له، ولا يتناول شيئاً من بيوت الأموال، ومجلسه معمور بالعلماء، والصالحين، وقراءة العلم وتلاوة القرآن، لا يزال رطب اللسان بذكر الله على جميع حالته، وقد صار عدله في الرعية مثلاً مضروبا، وكان أهل عصره يكنونه فيقولون «أبو عافية» لأنّه لا يضر أحداً منهم في مال ولا بدن بل قد يحتاج في بعض الأوقات لنائبة من نوائبه فيسأل أهل الثروة من التجار وأموالهم متوفرة أن يقرضوه فلا يفعلون لأنهم لا يخافونه في الحال ولا في المستقبل؛ واستوطن هجرة «معبر» المشهورة، ومات ليلة الجمعة ٣ / شهر جمادى الآخرة سنة ١٠٩٧ هـ - وصارت الخلافة بعده إلى محمد بن أحمد صاحب المواهب» هذا ما قاله الشوكاني؛ وأعتقد أن هذا الامام الذي كان المواطنون في اليمن يلقبونه، أو يكنونه لأنّه لمظهم العدل والحرية «أبو عافية»، ولا يستنكف إذا نابته حاجة تنزّهاً من أن يمس بيت مال المسلمين - وهو تحت تصرفه كإمام - وتحرجاً في أن لا يأكل إلا الحلال أن يلجأ إلى التجار من مواطنيه، وقد لا يسعفونه لأنهم لا يخافونه ... اعتقد أنه قد استعرض كل رجال عصره وسبر صفاتهم وأخلاقهم فلم يجد أشرف ولا أفضل ولا أتقى الله من صديقه جامع ديوان الهبل أحمد المخلافي

  ثم ماذا؟ من هو هذا يوسف بن المتوكل إسماعيل الذي حاول المخلافي» تأييده ونصرته ليخلف أخاه الصالح في الحكم، وأن يكون أميراً للمؤمنين يجتث قرون الانحراف ويستأصل عروق الشقاق ويحافظ على ظل «العافية» ويصد عنها سموم «العقاب»، ويبقى إماماً؛ مجلسه معمور بالعلماء، ولسانه رطب بذكر الله، لا يضر أحداً من مواطنيه لا في مال ولا في بدن، وشؤونهم يصرفها المختصون والمسؤولون، لأنّه «الامام» أو «الرئيس»؛ أي المرجع الأعلى للجميع، والذي لا يليق به التدخل في شؤون «الموظفين»، وأعمال «الشرطة» واختصاصات «القضاة» و «الوزراء». لنستمع إلى صاحب «نفحات العنبر» يقول في ترجمته:

  «إن صاحب الترجمة «يوسف بن المتوكل» كان سيداً عالماً عاملاً ورعاً