ديوان الهبل،

الحسن بن علي الهبل (المتوفى: 1079 هـ)

الشعر؛ في رسالة عتاب!

صفحة 568 - الجزء 1

  سعادتك، وأطلع في سماء الإحسان نجوم إجادتك، وأجرى أوامر الزمان ونواهيه على إرادتك، أنواعه التي لا يخرج عنها، وأقسامه التي لا يخلو منها، وكلُّ من هذه الأنواع لا يخلو من حصول تلك الفائدة، ولا بد له من عود تلك العائدة؛ والشعر طراز تزدان به المكارم، وتمتاز به الأرذال عن الأكارم. وهو لمحاسن المرء غرر، ولسلك فضائله درر، وما المكارم لولاً قلائده إلا جيد عاطل، ولا المعروف لولا خرائده إلا رسم ماحل، وغير خاف على مولاي عظيم فضله، ورفعة شأن أهله، وأحسن «أبو تمام» في قوله:

  ولم أر كالمعروف تُدعى حقوقه ... مغارم في الأقوام وهي مغانم؛⁣(⁣١)

  ولا كَالْعُلَى ما لم يُرَ الشعر بَيْنَها؛ ... فكالأرض غُفْلاً ليس فيها معالم⁣(⁣٢)

  وما هو إلا القول يسري فتغتدي ... له غرر في أوجه، ومواسم⁣(⁣٣)

  يُرى حكمة ما فيه وهو فكاهة، ... ويقضى بما يقضي بهِ، وهو ظالم!

  نعم هو كذلك، وأنت الخبير بتلك المسالك، فما باله في هذا الزمان عفا رسمه، وهوى نجمه، ونُسخ حكمه، فلا يدار له كاس، ولا يُرفع بقائله راس،؟ يا للأدباء لضيعة الأدب! أَتُصبحُ بيوتُهُ أطلالاً بالية، وتضحى معاهده رسوماً خالية، لا تُصغي الآذان لصارخه، ولا تنتصف «منسوخه» من «ناسخه»! هذا وأنت أعلى الله شانك، وحرسك من غيرِ اللّيالي وصانك.، منتهى أعيانه، وواسطة قلائد عقيانه، وفارس ميدانِه، وبارئُ سَهمِهِ ورائه، ومُنْهَنِه قَدْره وناعشه، والأعرف بما لأهله من الحقوق، والجدير باجتناب طرق العقوق، وعندك مفصله الذي يفري المفاصل، و:

  لَكَ القَلَمُ الأَعلَا الَّذِي بِسَنانِهِ ... يُصاب من الأمر الكلى والمفاصل

  وقد عقد لك أهله لواء الإمامة، وسلمت إليك قياده وزمامه، وجعلت إليك حله وإبرامه، علماً بأنّك جواده المجلي، واعترافاً بأنك الامام وكُلاً من الجماعة


(١) في الأصل: ترعى حقوقه» وهو تصحيف

(٢) في الأصل: «ما لم تر الشعر»

(٣) في الأصل: «في وَجْهِهِ».