مقدمة
  وهبكم منعتم أن يراها بعينه، ... فهل تمنعون القلب أن يتمناها؟
  إنَّه ... «مهيار» تلميذ «الشريف».
  وذلك الذي كانوا يسمونه في وطنه «عمارة السني» ثم شنقوه في مصر بتهمة «التشيع» وزعموا أنه قال:
  وكان أوّل هذا الدين من رجل ... سعى إلى أن دعوه سيّد الأمم
  فأفتى فقهاء «صلاح الدين» بقتله وصَلْبِه.!
  و «القاسم بن هُتَيمل» هو شاعر القرن السابع دون منازع، وهو الذي صان لغة الشعر في اليمن من الارتكاس في الصناعات اللفظية ثلاثة قرون. وما إن خيم القرن العاشر عليها مع العجمة «العثمانية»، وبدأ شعراؤها يتورطون فيما تورط فيه شعراء الشام ومصر والعراق، ويسرفون في المحسنات البديعية، والأحاجي والتواري، والألغاز حتى جاء دور شاعرنا «الهَبَل» فأعاد للشعر في منتصف القرن الحادي عشر رصانته وجلاله، وفخامته وقوته وجدد ذكرى «حبيب» و «أبي الطيب»، و «البحتري» و «الشريف»؛ كما فعل «البارودي» في مصر بعده بقرنين، ورفع «شوقي» بعده اللواء، وحلّق به في سمآء لا تطاولها سمآء.
  الحسن الهبل:
  نعم؛ «الهبل» الذي نقدم لديوانه يحتل مكانه البارز في صف هؤلاء «الفحول»؛ وهو في نظري خامس خمسة أو سابع سبعة، ولو طال به العمر كـ - «البحتري»، (٨٠ عاماً) أو (ابن هُتَيْمِل)، (٩٥ عاما) لكان ثاني اثنين لا ثالث لهما؛ وإذا كان الموت عاجل «أبا تمام» وهو لما يتخطى السادسة والثلاثين، ولحق «الشريف» بالرفيق الأعلى وهو في السابعة والأربعين؛ فان شاعرنا «الهَبَل» قد اخترمته المنية ولما يكمل عامه الأول بعد الثلاثين؛ ولو قلت أن الشاعرية العربية لم تنجب بعد الحكيمين: «حبيب والمتنبي» والشاعر: «البحتري» وذلك الذي