لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

صفحة 595 - الجزء 1

  وَيُسْتَرَقُّ وَلَدُ الْوَلَدِ، وَفِي الْوَلَدِ تَرَدُّدٌ، وَالصَّبِيُّ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَبِكَوْنِهِ فِي دَارِنَا دُونَهُمَا، وَيُحْكَمُ لِلْمُلْتَبِسِ بِالدَّارِ، وَالْمُتَأَوِّلُ كَالْمُرْتَدِّ، وَقِيلَ كَالذِّمِّيِّ، وَقِيلَ كَالْمُسْلِمِ.

  (فَصْلٌ) وَعَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ الْأَمْرُ بِمَا عَلِمَهُ مَعْرُوفاً، وَالنَّهْيُ عَمَّا عَلِمَهُ مُنْكَراً


  (وَيُسْتَرَقُّ وَلَدُ الْوَلَدِ) من المرتدِّينَ إذا صاروا ذوي شوكةٍ ولو من العرب الذكور الذين لا كتابَ لهم (وَفِي) استرقاق (الْوَلَدِ) يعني أوَّلَ درجةٍ حدثت بعد الردَّةِ (تَرَدُّدٌ) هل يجوز استرقاقه كولد الولد أو لا يجوز، فينتظر البلوغ فإن أسلم وإلا قتل؟ والمختار للمذهب أن ولد المرتد الذي حُمِلَ به في الكفر يُسترقُّ إن كان للمرتدِّ شوكةٌ (وَالصَّبِيُّ) والمجنون الطارئُ والأصليُّ (مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) ولو كان الآخَرُ كافراً (وَ) يحكم للصبيِّ بأنه مسلمٌ دون أبويه (بِكَوْنِهِ فِي دَارِنَا دُونَهُمَا) أي دون أبويه، سواءً كانا حيَّينِ في دار الحرب أم ميِّتينِ ولو كان موتهما بدار الإسلام.

  (وَيُحكَمُ لِلْمُلْتَبِسِ) حاله هل هو مسلمٌ أو كافرٌ (بِالدَّارِ) التي هو فيها، حيثُ لا قرينةَ؛ فإن كانت دار إسلام حُكم له بالإسلام، وإن كانت دار كفرٍ حُكم له بالكفر (وَ) الكافر (الْمُتَأَوِّلُ) كالمجْبِرِ والمشبِّهِ عند أهل المذهب (كَالْمُرْتَدِّ) لا يقبل منه إلا الإسلامُ أو السيفُ، حيث كان من أهل العدل والتوحيد ثم خرج منه (وَقِيلَ) الإمام زيد بن علي وأبو هاشم بل حكمه (كَالذِّمِّيِّ) ووافقهم أهل المذهب حيث لم يكن عدليّاً من قبلُ (وَقِيلَ) أبو القاسم البلخي بل حكمه (كَالْمُسْلِمِ) في أحكام الدنيا، من أنها تقبل شهادتُهُ وخبرُهُ، ويدفن في مقابر المسلمين، ويُصلَى خلفَه ونحو ذلك.

(فَصْلٌ) في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

  (وَعَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ الْأَمْرُ بِمَا عَلِمَهُ مَعْرُوفاً) كالصلاة أو نحوها؛ لأن الأمر بالواجب واجبٌ، وبالمندوب مندوبٌ (وَالنَّهْيُ عَمَّا عَلِمَهُ مُنْكَراً) كالزنى ونحوه، وهما واجبان في البلد وميلها، والعلمُ بأنَّ ما يأمرُ به معروفٌ وما ينهى عنه منكرٌ شرطٌ في وجوبه، وإلَّا انقلب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنقض.