(فصل) في بيان أسباب الردة وحكم المرتد
  وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنْ عَادَ رُدَّ لَهُ مَا لَمْ يُسْتَهْلَكْ حِسّاً أَوْ حُكْماً، وَحُكْمُهُمْ أَنْ يُقْتَلَ مُكَلَّفُهُمْ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَلَا تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ، وَلَا يَمْلِكُونَ عَلَيْنَا إلَّا ذَوِيْ شَوْكَةٍ، وَعُقُودُهُمْ قَبْلَ اللُّحُوقِ لَغْوٌ فِي الْقُرَبِ، وَصَحِيحَةٌ فِي غَيْرِهَا مَوْقُوفَةٌ، وَتَلْغُو بَعْدَهُ؛ إلَّا الإِسْتِيلَادَ، وَلَا تَسْقُطُ بِهَا الْحُقُوقُ، وَيُحْكَمُ لِمَنْ حُمِلَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ بِهِ، وَفِي الْكُفْرِ بِهِ،
  (وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ) يعني بعد اللحوق بدار الحرب إذ هو كالموت (فَإِنْ عَادَ) المرتد إلى الإسلام ولو لم يخرج عن دار الحرب (رُدَّ لَهُ) مالهُ وفوائدهُ الأصليةُ والفرعيةُ (مَا لَمْ يُسْتَهْلَكْ حِسّاً أَوْ حُكْماً) فأمَّا ما قد استهلكه فلا حق له فيه إذ قد ملَكَهُ الوارث بالإستهلاك بعد قسمة المال.
  (وَحُكْمُهُمْ) أي المرتدين (أَنْ يُقْتَلَ مُكَلَّفُهُمْ) ولو شيخاً فانياً ونحوه (إنْ لَمْ يُسْلِمْ) بعد أن طولب بالإسلام ويصح إسلامه كرهاً (وَلَا تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ) إذا لم يتحصَّنُوا عنا بكثرةٍ ولا منعةٍ بل تكون لورثتهم (وَلَا يَمْلِكُونَ عَلَيْنَا) ما أخذوه من أموالنا ولو قهراً (إلَّا) أن يكونوا قد تجمَّعُوا أو تحزَّبُوا حتى صاروا (ذَوِيْ شَوْكَةٍ) فيجوز أن نغنم أموالهم من دارهم التي تحزبوا فيها، وتسقط استتابتهم، ويملكون علينا (وَعُقُودُهُمُ) الواقعةُ بعد الردة (قَبْلَ اللُّحُوقِ لَغْوٌ فِي الْقُرَبِ) كالوقف والنذر والصدقة إلا العتق فإنه يقع لسرعة نفوذه (وَصَحِيحَةٌ فِي غَيْرِهَا) أي في غير القرب كالبيوع والهبات والإجارات والعاريَّات والرهون فتصح؛ لكنَّها (مَوْقُوفَةٌ) غيرُ نافذةٍ في الحال، فإن أسلم ذلك العاقد نفذ عقده، وإن هلك أو لحق بدار الحرب بطل عقده (وَتَلْغُو) عقودهم هذه كلُّها إذا فعلوا شيئاً منها (بَعْدَهُ) أي بعد االلحوق (إلَّا الإِسْتِيلَادَ) فإنه يثبت ولو وطئ المرتَدُّ أمته فولدت منه صارت أمَّ ولدٍ ولو لم يقع منه بعد اللحوق إلا الدِّعوة مع تقدم الوطء.
  (وَلَا تَسْقُطُ بِهَا) أي بالردة (الْحُقُوقُ) التي قد وجبت على المرتَدِّ قبل رِدَّتِهِ من زكاةٍ وفطرةٍ وكفارةٍ وخمسٍ ودَينٍ لآدميٍّ.
  (وَيُحْكَمُ لِمَنْ حُمِلَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ بِهِ) أي إذا ارتدَّ المسلم وامرأتهُ حاملٌ منه من قبل الردة فإنه يُحْكَمُ بأن ذلك الحملَ مسلمٌ إن ارتدَّ أبواه معاً لأنه قد ثبت إسلامه بإسلامهما عند العُلُوقِ (وَ) يحكم لمن حُمِلَ به (فِي الْكُفْرِ) من أبويه (بِهِ) أي بالكفر.