الشوكاني والهبل وقصة المجموع:
  لو كان يعلم أنها الأحداق ... يوم النقا ما خاطر المشتاق
  (رقم - ٣٠ -)
  وكلّها غرر، لولا ما كدرها به من ثلب الأعراض المصونة؛ أعراض خير القرون، ولما ارتفعت درجته عند الإمام المهدي احمد بن الحسن، وكان كالوزير له قبل الخلافة وتصدى للقعود في دستها توفي في شهر صفر سنة ١٠٧٩ هـ فيكون عمره إحدى وثلاثين سنة، ولو طال عمره هذا الشاب الظريف، ولو لم يُشيب صافي شعره بذلك المشرب السخيف لكان أشعر شعراء اليمن بعد الألف على الإطلاق، وأصله من قرية بني «الهبل»، وهي هجرة من هجر «خولان»، ومحله ومحلّي «يقصد شوكان» واحد ليس بينهما مسافة، بل بينهما من القرب بحيث يسمع كل واحد ممن فيهما كلام الآخر»؛ وختم الشوكاني كلامه قائلاً:
  وقد بالغ صاحب نسمة السَّحَرِ في حقه؛ فقال: إنه لم يوجد باليمن أشعر منه من أول الإسلام، وهذا معلوم البطلان فالصواب ما قلته سابقاً».
الشوكاني والهبل وقصة المجموع:
  ترى هل يحسنُ بي أن أقف وقفةً قصيرة مع الإمام «الشوكاني» الذي وإن كانت داره قريبةً من دار «الهبل» في أرض «خولان الطيال»؛ حيث داري وأهلي أيضاً، لأقول له في رفق ولين، وإجلال شجاع، إن قرب الدار لا يقصر المسافة بين المختلفين روحاً، أو مذهباً، أو سلوكا.! والمسافة ما بينك يا شيخ الإسلام، وأكبر مستشاري المهدي عبد الله، وبين الشاعر «الزيدي» «الحسن الهبل» شاسعة جدا؛ لو اجتازها صاروخ يُرقلُ بسرعة الضوء لما طوى أقطارها إلا في سنوات. ثم لأناقش في رفق وإجلال أحكامه النقدية في الشعر والتي كثيراً ما يتبرع بها وبكرم زائد على قراء كتابه الجيد المفيد «البدر الطالع»، وأقول له: إنه أحياناً يتسرع في إصدارها، وإنها أحياناً لا تكون مقبولة لدى العارفين بالشعر؛ ثم لأقول له إنّه ليس بالحكم التُّرضى حكومته شعريا ... حتى ولو كان قد ألف ديوانا.! لأنه قد عبد نفسه ووهبها للفقه، وعلوم الشريعة، وكان مجليا في حلبات سباقها، مجتهداً،