ديوان الهبل،

الحسن بن علي الهبل (المتوفى: 1079 هـ)

«الهبل» الزيدي الثائر المظلوم:

صفحة 19 - الجزء 1

  نفسه محاربة الفساد بلسانه وسنانة كما جهر بنقد المنحرفين والفاسدين، فكراً، أو عقيدة، أو سلوكاً - نقداً لاذعاً مريراً، وعندما رآهم يحاولون جرجرة القائمين بالأمر إلى ما يخشاه على جوهر الحكم الذي يتصوّره «تطبيقاً» عملياً لأحكام ومبادئ «النظرية» «الزيدية» من «عدل» و «توحيد»، وتشريع متكامل للحكم بما أنزل الله لم يصمت، ولم يجامل بل نصح وحذر، ثم حرض من يحسبه قادراً على الاصلاح والتغيير شأنه شأن المصلحين، وأصحاب المبادئ في كل زمان ومكان.

  وكل ذلك قد جرّ عليه الويل، فحاربه - بل وحارب ديوان شعره - من لا يقول برأيه من الفقهاء وذوي السلطة حتى ولو كانوا من أبناء وأتباع فرقته وطائفته.

  لقد التقى المتنافرون رأياً، ومذهبا، ومزاجاً؛ عن وعي، وعن غير وعي، وبقصد، وبدون قصد، على غمط الهبل، وتحاشي ذكره أو الاستشهاد بشيء من شعره، جمعهم على ذلك قاسم مشترك، وحد بين المتنافرين رأياً ومذهبا، والمختلفين هوى وشعورا، والمتباينين ثقافةً وتفكيراً، على مدى الأيام والعصور، وحل بذلك على شاعر اليمن «الهبل» ظلم كبير.

  فالزيدي «الهادوي» الذي يعلم علم اليقين أنّ «الهبل» قد أحب الإمام «زيد بن علي» حباً جماً وقال فيه:

  مهما نسيت فلست أنسى مصرعاً ... «لأبي الحسين» الدهر حتى أقبرا

  ما زلت أسأل كل غاد رائح ... عن قبره؛ لم أَلْقَ عنه مخبرا

  بأبي وبي، بل بالخلائق كلها ... من لا له قبر يُزار، ولا يُرى!

  وهذه الأبيات من قصيدة طويلة عدد أبياتها - ١٤٦ - وفي آخرها ناجى «زيداً» بقوله:

  يا ليت شعري هل أكون مجاوراً ... لك، أم تردني الذنوب إلى الورى؟

  أَأَذادُ عنكم في غد، وأنا الذي ... لي من ودادك ذمة لن تخفرا؟

  قل: ذا الفتى حضر اللقامَعَنَا، وإنْ ... أبطا به عنا الزمان ... وأخرا

  وهي نفثة شاعر زيدي يحسب نفسه لا يزال في معركة «زيد» مع دعاة العدل