وقفة مع القصيدة التي تأثر بها الزبيري:
  قد كان مدحي له ذنباً شقيت به ... فصار تكفيره عني هجائيه
  ثم هل يستطيع ناقد أن يصدق أن قوله:
  يا هادماً بمساويه بناء على ... أبوه دون ملوك الأرض بانيه
  قد نادي به شخصاً خيالياً لم يره، ولم يشق بوجوده بل ولم يكن ابن ملك أو إمام أو زعيم من زعماء الأرض؟
  أما أنا فلا أستطيع أن أصدق، وأنا أعرف أن ممدوحي الهبل هم الإمام المتوكل على الله إسماعيل ابن الإمام الأعظم القاسم بن محمد، وابن أخيه الفارس المقدام سيف الإسلام أحمد بن الحسن بن القاسم (الإمام المهدي بعد وفاة الهبل)؛ وبعض الأمراء والسادة من آل القاسم وغيرهم ومن الوزراء والقضاة والعلماء كآل الجرموزي والآنسي وأبي الرجال والمخلافي ممن سيجد القارئ أسماءهم في الديوان مع تراجم موجزة أنوي أن أعرفهم بها، وألحقها بالديوان إن شاء الله. ومن المستبعد أن تكون هذه القصيدة المفجعة، والتي لا أشك أن الواشي الماكر الذي زعم أنّه قالها في «شخص معين» قد أراد إهلاك «الهَبَل» وتدميره ... ولا أستبعد إنّه قد زعم بأنّ «الهبل» قد قالها في «الإمام المتوكل» نفسه أو في أكبر أمرائه «سيل الليل»، أو في ثالث ممن يستطيع بجرة قلم أن يخسف الأرض من تحت أقدام «الهبل»! ... إذ لا يمكن لهذا الواشي أن يزعم أنه قد قالها في أحد ممدوحي الهبل من آل «الجرموزي» أو «الأنسي» أو «أبي الرجال» أو جامع ديوانه «المخلافي» وهو يدري مثلما نعلم أن «الهبل» قد ظل محتفظاً بمودتهم حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، كما أنهم قد اهتموا بجمع ديوانه، وبعض رسائله بعد أن مات، ثم ما هي الفائدة التي سيجنيها هذا الواشي لو لم يزعم أنه قالها في شخص يستطيع أن يضره ويؤذيه؟ ولو أن جامع ديوانه قد ذكر اسم الشخص المعين لأغنانا عن الحدس والتخمين وهما لا يفيدان يقينا؛ ولكنه سامحه الله لم يفعل؛ فهل يجوز لنا الظن بأنّه قد قصد «المتوكل» الذي يقول لنا «المخلافي» وهو يقدّم قصيدته رقم - ٧٣ - والتي مطلعها:
  لكسب العلى فاجعل همومك تُحْمَدِ ... وتجن ثمار الشكر من روضها الندي