وقفة مع القصيدة التي تأثر بها الزبيري:
  على غزو «الأتراك» إلى «مكة»، وهل لو عاش طويلاً كان سيعتدل ويرجع عن «جاروديته» كما فعل صديقه وجامع ديوانه، وعن شعره وأثره فيمن جاء بعده من شعراء اليمن ... إلى كتابي الذي أنوي إخراجه للناس قريباً عن الشاعرين المظلومين «الهَبَل والزبيري»؛ والكثير من أدباء اليمن لا يعلمون أن «الهبل» كان مثل الزبيري الأعلى في الشعر، وكان يحفظ معظم ديوانه، وعليه تخرج؛ يقفو أثره، ويترسم خطاه ولا سيما في مدائحه للأمير على الوزير، والملك عبد العزيز آل سعود أولاً ثم للإمام يحيى والإمام أحمد ثانياً، وفي شكاويه وتجرمه من الزمن. إلى أنه مثله شيعي الهوى، زيدي المذهب، صوفي الفكر، ذو زهد وورع، وقصيدته التي رثى بها عمه القاضي لطف الزبيري قد جارى بها بائية «الهبل» في أهل البيت وقد استعار منها بيتاً كاملاً لم يغير فيه إلا لفظتين وهو:
  وكل مصاب نال آل محمدٍ ... فليس سوى حب الصراحة جالبه
  والأصل في قصيدة الهبل «فليس سوى يوم السقيفة جالبه» كما أن قاموسه اللغوي وأسلوبه البياني في قصيدته الطويلة:
  ما كنت أحسب أني سوف أبكيهِ ... وأن شعري إلى الدنيا سينعيه
  هو نفس القاموس البياني لقصيدة الهبل التي تحدثنا عنها وفيها شذى من نفحاتها، ولسعات من لفحاتها.
  وكما حورب شعر «الحسن الهبل» وضاع منه الكثير ولم يبق لنا منه إلاّ النزر اليسير كما قال جامع ديوانه، وكما أن الهبل نفسه قد ساهم في ظلم شعره فأحرق ومزق منه الكثير، ووأد ما وأد ممّا لا نزال نبحث عنه، وكما أن أعداءه ومنافسيه وذوي الأغراض والأهواء الطائفية والعنصرية والحزبية والسياسية قد ظلموا شعره وحرّفوه وعبثوا به حسب ما فصلته سلفاً كذلك كان حظ تلميذه محمد محمود الزبيري فقد حورب شعره محاربةً منكرة؛ فمزقوا وأحرقوا ووأدوا الكثير منه ولاسيما ما قاله في عنفوان شبابه الشعري وهو ما بين السابعة عشر والرابعة والعشرين ١٣٥٥ هـ - ١٣٦٠ هـ - / ١٩٣٧/ ١٩٤١ م من غزل ومدح ورثاء وتصوف، ولن يجد القارئ له شيئاً من شعره الذي قاله أيام الشباب في صنعاء قبل هجرته إلى