أحمد بن ناصر المخلافي:
  في وسعهم نصحه وتعريفه بالحقيقة لما جبل عليه من الطيش وتعجيل العقوبة؛ ومن علو همته (تأمل) أنه إذا أراد الإيقاع بوزير من وزرائه، أو أمير من أمرائه أمر الجند بانتهاب ماله، ولا يأخذ منه شيئاً وقد يكون مالاً جليلا «واستمر على ذلك إلى سنة ١١٢٦ هـ - وشرع المتوكل على الله القاسم بن الحسين في معارضته وإخراج البلاد عن مملكته، حتى خلع نفسه في سنة ١١٢٩ هـ - فكان ملكه للديار اليمنية بأسرها زيادة على ثلاثين سنة فسبحان الفعّال لما يريد» وبعد أن أورد «الشوكاني» أعظم الحوادث في أيامه وهي حادثة السيد ابراهيم المحطوري الساحر الذي ظهر في بلاد الشرف سنة ١١١١ هـ - قال: وكان موت صاحب المواهب المترجم له في سنة ١١٣٠ هـ - (البدر الطالع جـ - ٢ - ص: ١٠١).
  ولقد لفت تأمل القارئ إلى شهادة الامام الشوكاني إلى أن اليمن كانت مصونة من الجور والجبايات من بعد خروج الأتراك حتى قيام صاحب المواهب، والى تلك الاشاعة الباطلة إنه كان يأتيه «في الليل من يخاطبه»؛ وقول الامام الشوكاني «لعل هذا المخاطب من مرَدَةِ الجن» كأن تلك «الخرافة» يجوز أن تكون، وكان المنتظر من مثله أن يفندها ويبطلها؛ ثم إلى جعله أمر الجند بانتهاب مال الوزير أو الأمير الذي يريد الإيقاع به من «علو» الهمة؛ لأنه «لا يأخذ منه شيئاً»؛ وأظن أن وصفاً آخر مثل «خبث الطوية» أو «سيء مكره»،»، وهو السفاح المبير؛ كأن أليق من هذا الوصف الذي لا يليق إلا بالأفذاذ من ملوك العدل الخير والإنصاف
  نعم لقد مات «أبو العافية»؛ واستبد باليمن «أبو العقاب» الذي لا يكتفي بالقتل والنفي والتشريد ونهب الأموال ولكنه يعاقب كبار العلماء حتى بالوقوف بين يديه تلاميذ يدرسون عليه مؤلفه «الشمس المنيرة»؛ لأنهم كانوا علماء سوء؛ لم يقفوا مع «المخلافي» و «الهبل» و «أبي الرجال»، والسيد يوسف بن المتوكل في وجه «الانحراف» فاستحقوا «العقاب» وأي عقاب؛ ولأني قد أشرت في المقدمة الى ما كانت تقاسيه اليمن حين تتحكم الأهواء على ضمائر ورثة النظرية من فقهاء وعلماء وأمراء وقادة؛ وذلك لغياب أو فقدان القاعدة الأساسية لنظام الحكم التي تضمن «التطبيق» لمبادئ «النظرية» عادة وقانونا؛ فلا بد لكي تتضح