ديوان الهبل،

الحسن بن علي الهبل (المتوفى: 1079 هـ)

أحمد بن ناصر المخلافي:

صفحة 56 - الجزء 1

  صورة المأساة التاريخية وتكمل، ويتبين ما حل باليمن الكبرى الموحدة من تمزق واضمحلال بعد تلاشي «العافية» واستشراء مرض «العقاب» أثر وفاة «صاحب المواهب»، وهو ما كان «الهبل» مع زملائه يحاولون أن يجنبوا اليمن ويله وشروره من قبل، وما حاوله أيضاً «المخلافي» وأصحابه مع يوسف بن المتوكل من بعد ... ارتكست «النظرية»؛ وأصبح «عظمة الدولة»، و «جلال الهيبة»، و «تمكن السلطة» و «تكاثر الجند» مع من يستطيع أن يعمل ذلك ويمثله حتى ولو «أخذ المال من غير حلّه» و «سفك الدماء» و «ادعى أن مردة الجن توحي إليه وجوز «ما لا يسوغه الشرع» - كما وصف الإمام الشوكاني «صاحب المواهب» هو ما يكبر في النفوس ويسيطر على أعصاب النّاس فيطيعونه ويقف علماؤهم حوله وقوف التلاميذ لا يقولون إلا: نعم يا مولانا

  وتوالى الحكام والولاة يُحْسِنُ من يُحْسِنُ منهم؛ لأنه خير الطبع، سليم الفطرة، ولأنه نفسه يريد الإحسان، ويسيء من يريد الإساءة منهم إذا كان كنودا دون مراعاة لقانون أو نظام أو «دستور» يحتّم بوضوح تنفيذ مبادئ «النظرية» وتطبيقها على المجتمع وعلى من ينتخبهم الناس حكاما ... لا فضلاً ولا إحسانا ولا تبرعاً ... بل وجوباً وعادةً وقانونا ... وتطورت المأساة وسادت الفوضى، ونظرة فاحصة في تراجم العلامة زباره لثلاثة - ثلاثة فقط - - أفذاذ علماء القرن الثاني عشر وهم «هاشم بن يحيى الشامي (نشر العرف ج: ٢ - ص: ٧٨٣ - ٨٠٠» و «محمد بن اسماعيل الأمير (نشر العرف جـ: ٢ - ص: ٥٠٥ - ٥٥١) و محمد بن اسحاق (نشر العرف ج - ٢ - ص: ٤٨١ - ٥٠٤) ليرى كيف انهم عندما أرادوا تطبيق «النظرية»، وأن يغيروا لم يستطيعوا أن يعملوا شيئا، وكان مصيرهم إما التشرد أو السجن؛ إذ قد شب شباب الانحراف، وصلب ساعده؛ وتفاقم الأمر حتى استطاع الامام المهدي عبد الله سنة ١٢٤١ هـ - ١٨٢٦ م أن يسجن العلامة القاضي محمد بن حريوه، ويجلده، ويطوف به معزّراً في شوارع صنعاء، ثم ينفيه إلى الحديدة، ويأمر يقطع رأسه، وصلب جثته وقاضي قضاته وكبير مستشاريه الامام محمد بن علي الشوكاني يتفرج لا يستطيع أن يحرك