ناعط بين الهبل وأبي الرجال
  وكيفية رجالها في قصيدة قصيره، وأبيات يسيره، قللت أبياتها واختصرتُ، علماً بأني لو طولت لما انتصفت ولا انتصرت؛ فسيان التطويل والتقصير، والتقليل والتكثير، وكان «مسا» الامام أيده الله تعالى فيها في ليلة من جمادى وقد ذكرت ذلك في تضمين بيتي «المتنبي» وَهما: «في ليلةٍ من جمادى»، والذي بعده، ووقع بحمد الله وفضله في التضمين تناسب عجيب، واتفاق غريب؛ للاتفاق في البرد والظلمة، وكونها ليلة من جمادى «ثم أورد القصيدة التي مطلعها: «الحمد لله نلنا السؤل والأربا» والتي أثبتناها في الديوان رقم - ٢١٤ - ثم قال»:
  «ولما اطلع عليها القاضي العلامة حليف المجد وقرينه، وأليف الأدب وخدينه، شهاب الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجال طول الله تعالى مدته، وأبقى على مر الزمان جدته، أجاب بهذه القصيدة العجيبة، والدرة الغريبة، وأرسلها إلي بخط يده الكريمة، فشكرت هذه «اليد» التي لا أقدر أكافيها، وحمدت مذموم «ناعط» إذ كان هو السبب فيها، وفتحتها عن مسك فائح الشميم، وروض أنسيت بصباه تلك الرّيح العقيم، وقلتُ ما عسى أن تكون سيئات «ناعط» في جنب هذه الحسنة، وعلمت أنه لا يسعني إلا الرضى بحكم «القاضي» الذي حكم بالبينة، والقصيدة هي. هذه وفيها براعة الاستهلال:
  يا من صباحين هبت في السحير صبا ... ما أنت أول قلب للنسيم صبا!
  كم قد صبينا لِعَهْدِ الدِّمنتين دماً ... وكم شكونا له بعد النوى وصبا؛
  أنا الأليف؛ فلو كان الأليف معي ... هو العذاب رأينا مُرَّه عَذْبا،
  يا ذاكِراً لِرُبانا جادَها هَطِل ... طبق ملث على ساحاتها سكبا،
  محراب «حمير» و «الأذواء» من «يمن» ... القائمون لعلياهم بما وجبا،
  الجالبو الخرج من أطراف «أنقرة»، ... من ذا سواهم لخرج «الروم» قد جلبا؟
  الرادمو «السد» أهل السدّ من «سبأ» ... بخ بخ لبني «كهلان» آل «سبا»
  من لم يكن عارفاً تاريخ ملكهم، ... فما رأى أبداً في دهره عَجَبا!
  وكان في ملكهم «صنعا» وساحتها، ... وكان يأتي إليهم من «عمان» حبا،