تهنئة بعيد زفاف!
  غداة نأى الصبر الجميل مودعا ... وللبين إرعاد علينا وإبراق،
  يؤجج لي ناراً يريني أنها؛ ... وما هي إلا النار - وجد وأشواق؛
  فاهاً لها وآه منها أشواقاً تتقد نارُها، ودموعاً تتدفّق بحارها، وقلباً أحرقته نار الجوى، وصبراً مزقته يد النّوى:
  ومن فضل المهيمن عن قريب ... ومن نعود لمثل ما كنا عليه،
  وأشكو ما ألاقي من شجوني له، ... وأبت أشواقي إليه،
  ونعقد رايةً للوصل بيضا ... إذا انهزم البعاد على يديه!
  غير أن الله تعالى جبر ما كسر الفراق، وأطلع بدر السرور كاملاً بعد أن كاد يدركه المحاق، بما أسدى إلى سيدنا حفظه الله تعالى من النعمة التي شمل سرورها، والمنحة التي تبسمت في رياض الفرح زهورها، بما جدد له من الفراشِ الذي بركته إنشاء الله تعالى على العالمين ظاهره، ونجوم سعوده بعون الله للنّحوس قاهره، والعبد يتوسل إلى الله تعالى بنبيه المبعوث بالرسالة، محمد صلى الله عليه وآله، أن يجعل البركة والصلاح والخير والنجاح، وبلوغ الأمل في الغدو والمراح، مقرونةً بما يُبْدِيءُ ويعيد، وينقص ويزيد، وأن يبلغه من كل خير ما هو آمله، ويزيد في ذلك الأمر من الإقبال تحقيق ما بشرت به مخايله، ليجتني ثمراته طيبة، ويستدرّ غيوث بركاته صيبه، يتقلب في نعم الله تعالى، ويزيد على مر الزمان جدة وبهجة وجمالاً وجلالا.
  ومن ما يجب الله تعالى عليه الحمد أن قرن هذه النّعمة بهذه الأيام التي اشتهر فضلها في البر والبحر، وقلّده هذه المنحة في هذا العيد السعيد - وأحسن ما تبدو القلائد في النحر.! فله الهنا بالعيدين السعيدين، والأمرين المباركين الحميدين، والله تعالى يعيده إلى مثله وأمثاله، وأضرابه من فاضلات الأيام وأشكاله، من السالمين الغانمين، الآمنين من فزع يوم الدين، الفائزين بأسنى الأجر، وأهني الشكر، الحائزين للسعي المشكور، والجزاء الموفور، الرابحين في تجارة التقوى التي لا تبور، ونسأله أن يُصلي ويُسلّم على سيدنا محمد وآله، وأن يختم للجميع بالحسنى بمنه وكرمه وأفضاله، آمين اللهم آمين.