مقدمة جامع الديوان:
  والعَمَل، أكرم الله تعالى نزله لديه، وأمطر سحائب العفو والإحسان والرضوان دائماً عليه، وجمع بيننا وبينه في جنات النعيم يوم المصير إليه، شعرا:
  فتى، كَمُلَتْ فيه الفتوة يافعاً ... فَجَلَّى بميدان الكمال وبرزا؛
  فتي؛ قد حوى المجد العظيم بسعيه ... وحاز خصال المكرمات وأحرزا؛
  فتى لأيداني شأنه(١) قط في العلى ... مدان إليه الفضل(٢) دون الورى اعتزى
  له خلق، ما الروض باكره الحيا ... فقوفه وقت الربيع وطرزا
  وجود ... فكم أعطى جميع الذي حوى، ... ولم يقتصر حتى استدان ولا أجتزى، (*)
  ونظم ... أتى فيه بكل غريبة، ... فأحصر من رام اللحاق، وأعجزا ..
  وحب لأهل البَيْتِ اللهِ خَالِص ... به في جنانِ الخُلْدِ يَظْفَرُ بالجزا ..
  وفي الله قَدْ وَالَى، وَعَادَى مُجَاهِراً، ... وأظهر أقوال الهُداةِ، وأَبْرَزا ..
  وأدنى، وأقصى في الإِلَهِ، وَلَمْ يَزَلْ ... لشيعة ذي النورين «حيدر» مركزا
  عليه سلام الله؛ إِنَّ صفاته ... لتعجز مطناباً - أَطَالَ - وموجزا؛
  فأجبته إلى طلبة، وبادرت بقضاءِ أَرَبِه، وكتبت في هذه الكراريس من نظمه | وأشعاره، المزرية بالصبح في إسفارِهِ، والروض وأَزْهَارِه، شيئاً مما كان رضوان الله عليه قد أنشدنيه في حياته، أوْ وَقَفْتُ عليهِ بحَطَّهِ رضوان الله عليه بعدَ وَفَاتِه، وكلما أثبتُهُ في هذه الكراريس مِمَّا أَنْشَدنيه وغيره مَنْقُولُ مِن خِطَّه رضوان الله عليه إذ كان من طبعه الكريم، وخُلُقِه المزْرِي بالروض هَبْ عَليهِ النسيم(٣)، أنه إذا قال شيئاً في مدتِهِ الأَخيرة عَرَضَه تأدبا علي، وأَرْسَلَ بِنُسْخَتِهِ لأُهَذَّبَهُ إلي؛ وهو - والله المُذهَبُ المُهذَّب، ومنشئه المهذب(٤)، ورتبته على
(١) في نسخة ثالثة: شأوه.
(٢) في نسخة ثالثة: الفخر.
(٣) عبارة «ف» هكذا: «وخلقه الذي هو أرق وألطف من مرّ النسيم».
(٤) لا توجد هذه الجملة: «وهو والله المذهب الخ» في: «ف».
(*) هذا البيت الذي يمدح «الهبل» بالجود والكرم وأنه كان يستدين لذلك؛ يُفسر تلك الشكاوى التي باح بها عن همومه، وغلبة الدين والقهر الذي كان يعانيه كي يقوم بواجباته الإنسانية، وينهض بالحقوق الملقاة على كاهله، ويوضح أسباب تلك الضراعات التي ناشد بها إمام زمانه المتوكل على الله اسماعيل وغيره حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة يائساً حزينا. المحقق