لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

مقدمة

صفحة 16 - الجزء 1

  بل هم حملته وأربابه وروَّاده وأصحابه، من بيتهم خرج وعنهم دبَّ وانتشر:

  عَنْ أَبيهِمْ أَتَى الهُدَى ثُمَّ عَنْهُمْ ... يُتَلَقَّى وَيودَعُ الأسْفارا

  فَهْوَ فِي دُورِهِم وفِيهم عَريقٌ ... وَلدَى غَيْرِهم يُرَى مُسْتَعَارا

  ما مِنَ الشَّامِ جَاء أَوْ أَرْضِ طُوسٍ ... أَوْ سَمَرْقَنْدَ أَوْ أَتَى مِنْ بُخَارا

  والعيان فوق البيان، فقد كان مجموع الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب $ أوَّل ما أُلِّفَ في هذا الباب، ورغمَ قلَّةِ أحاديثه إلا أنه استوعب أغلبَ أبوابِ الفقهِ ومسائلهِ، وحظي ببركة فوائدَ قَلَّ أنْ يوجد لها نظيرٌ، ثم توسَّع فقه العترة الطاهرة أيام الأئمة الكملاء الإمام الحجة فقيه آل الرسول أحمد بن عيسى بن زيد بن علي، ونجم آل الرسول الإمام القاسم بن إبراهيم، وفقيه العراق الإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، والإمام القدوة عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن سلام الله عليهم أجمعين، وكلُّ واحدٍ منهم كوَّن موسوعةً أو مدرسةً فقهيةً شامِلةً، وهكذا توسع أعْظمَ مما كان في عهد الإمام الهادي إلى الحق القويم يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم وولديه المرتضى والناصر والإمام الناصر الأطروش الحسن بن علي $، وتطور تطوراً كبيراً، وانتشر انتشاراً عظيماً بعد ذلك في أيام دارسي النصوص وأرباب التخريج، وأئمة التحقيق والتدقيق، أعني الإمام أبا العباس أحمد بن إبراهيم الحسني، والإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني، وأخاه الإمام أبا طالب يحيى بن الحسين الهاروني، والقاضي زيد بن محمد الكلَّاري، وأتباعهم وتلاميذهم، ومن بعد ذلك لا زال تطوره في استمرارٍ أيَّام المذاكرين والمحصلين والنُقَّادِ المدققين، حتى جُمِعَتْ أقوال من تقدم من الأئمة الهداة خصوصاً أقوال الإمام القاسم بن إبراهيم وحفيده الإمام الهادي إلى الحق وأبنائهما وصيغت في قواعدَ وفرَّعوا عن تلك الأقوال وخرَّجوا وقاسوا عليها حتى تكونت رسومُ المذهب الشريف وتقررت أقواله وضُبطتْ فوائده، وقُيِّدتْ شوارده، وأطبق على تقريره الأئمة الهداة وأتباعهم من العلماء الأعلام، والمحققين العظام في اليمن الميمون والجيل والديلم، وسائر بلدان الزيدية، وهو المراد بالمذهب أو بعلامة التذهيب أو التقرير الواردة في كتب أصحابنا ومن أخذ عنهم، وكان آخر وأعظم المقررين له الذين اعْتُمِدَ تقريرهم إلى يومنا هذا سيدنا العلامة المحقق الورع حسن بن أحمد الشبيبي ¦ الذي بلغ الغاية في الورع