مقدمة
  والزهادة، والعلم والضبط والعدالة، حتى أقرَّ له الموالف والمخالف بالورع وقوة الاستخراج، والنظر والتثبت، وهذا معلوم عند أرباب التحقيق، وقد أوضح هذا كله الإمام المهدي لدين الله رب العالمين محمد بن القاسم الحسيني الحوثي في جوابه على ولده العلامة الكبير محمد بن الإمام رحمهم الله جميعاً، وهو موجود ضمن مجموعه المبارك (ص ٢٤١) والقاضي العلامة المحقق عبد الله بن حسين دلامة في كتابه المشهور (شذور الذهب في تحقيق المذهب) وقد طُبعتْ نبذةٌ منه في مقدمة شرح الأزهار (١/ ١١) وغيرهم، ولا ينقض ما قدمناه مخالفة بعض أئمة أهل البيت $ أو العلماء الكبار لبعض أقوال المذهب الشريف؛ لأن ذلك شأن المجتهدين النُّظَّار، والمحققين من فاتحي باب الإجتهاد على ممر الدهور والأعصار، وهي منقبة لهذا المذهب العظيم، ولولا أنه لا يجوز للعالم المجتهد العمل بمذهب غيره لَما خالفوه - أعني مذهب الإمام الهادي # في مسألة من المسائل - لإقرار الكل بفضيلته وسبقه وقوة نظره، فهذا السيد العلامة الكبير محمد بن إبراهيم الوزير مع علمه وحدته وقوة جداله ومناقشته وكثرة اعتراضه لمَّا قال له الشيخ محمد بن عبد الله بن ظهيرة في مكة وقد رأى تحقيقه في العلوم: ما أحسن يا مولانا لو انتسبت إلى مذهب الشافعي أو أبي حنيفة، غَضِبَ(١) ولم يتوقر في حق الشيخ وقال: لو جاز لي التقليد أو احتجتُ إلى هذه النسب والتقليدات ما اخترت غير مذهب نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم، أو مذهب حفيده الهادي إلى الحق، هكذا أو كما قال، ذكر ذلك غير واحدٍ من المحققين، منهم المؤرخ الكبير أحمد بن صالح بن أبي الرجال في (مطلع البدور: ٤/ ١٤٢) وغيره، بل رووا عنه أبياتاً قالها في هذا المعنى.
  نعم ... وكان من أعظم الكتب التي جمعت أقوال هذا المذهب الشريف صانه الله عن الزيف والتحريف (كِتَابُ الْأَزْهَارِ فِي فِقْهِ الْأَئِمَّةِ الْأَطْهَارِ) للإمام النَّظار والغطمطمِ التَّيَّار، قاموسِ العترة وواسطة عقد الأسرة أحمد بن يحيى المرتضى #، المتوفى سنة (٨٤٠ هـ) والذي شهرته تغني عن التعريف بفضله ومكانته وعلمه وزهادته، كما قال الشاعر:
  إذا كان فَضْلُ الْمَرْءِ في النَّاسِ ظاهِراً ... فَلَيْسَ بِمُحْتَاجٍ إلى كَثْرَةِ الْوَصْف
(١) جواب (لمَّا) تمت كاتبه عفا الله عنه.