(فصل) في صفات من يجوز تقليده
  (فَصْلٌ) وَيَصِيرُ مُلْتَزِماً بِالنِّيَّةِ فِي الْأَصَحِّ، وَبَعْدَ الِالْتِزَامِ يَحْرُمُ الِانْتِقَالُ إلَّا إلَى تَرْجِيحِ نَفْسِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ طُرُقِ الْحُكْمِ، فَالِاجْتِهَادُ يَتَبَعَّضُ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ لِانْكِشَافِ نُقْصَانِ الْأَوَّلِ، فَأَمَّا إلَى أَعْلَمَ مِنْهُ أَوْ أَفْضَلَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، فَإِنْ فَسَقَ رَفَضَهُ فِيمَا تَعَقَّبَ الْفِسْقَ فَقَطْ، وَإِنْ رَجَعَ فَلَا حُكْمَ لَهُ فِيمَا قَدْ نَفَذَ وَلَا ثَمَرَةَ لَهُ كَالْحَجِّ،
  (فَصْلٌ):
  (وَيَصِيرُ) المرء (مُلْتَزِماً) لمذهب إمامه (بِالنِّيَّةِ) وهي العزم على العمل بقوله (فِي الْأَصَحِّ وَبَعْدَ الِالْتِزَامِ) بقول إمامٍ معينٍ في حكم واحد أو في أحكام أو جملة المذهب فإنه (يَحْرُمُ) على الملتزم (الِانْتِقَالُ) عما التزمه (إلَّا إلَى تَرْجِيحِ نَفْسِهِ) أو ترجيح مَن قلَّدَه (بَعْدَ اسْتِيفَاءِ طُرُقِ الْحُكْمِ) الذي ينظر فيه وهي الأدلة عليه والأمارات حتى لا يغيب شيء مما يحتج به عليه، فمتى استوفاها اجتهد فيها فيجب عليه الانتقال إلى ما يترجح عنده (فَالِاجْتِهَادُ) عندنا (يَتَبَعَّضُ فِي الْأَصَحِّ) من المذهبين، بمعنى أنه يكون الإنسان مستكملاً لآلة الاجتهاد في مسألة دون مسألة، يعني بأن يعرف أدلة تلك المسألة ومواد ذلك من العربية وأصول الفقه، وكونه لم يجمع فيها بخلاف قوله، فإنَّه يكون مجتهداً فيها (أَوْ) يكون الانتقال بعد الالتزام (لِانْكِشَافِ نُقْصَانِ) العالم (الْأَوَّلِ) عن درجة الاجتهاد أو كمال العدالة، فإن ذلك يوجب الخروج عن تقليده (فَأَمَّا) الانتقال من مذهب المجتهد العدل (إِلَى) مذهب (أَعْلَمَ مِنْهُ أَوْ أَفْضَلَ) أي أورع منه (فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) المذهب جواز الانتقال لزوال العلة المقتضية لتحريم الانتقال وهي عدم الترجيح، إذ قد حصل الترجيح بالأعلمية والأورعية (فَإِنْ فَسَقَ) المجتهد أو اختلت عدالته (رَفَضَهُ) من قلده أي ترك تقليده واتباعه (فِيمَا تَعَقَّبَ الْفِسْقَ) من اجتهاداته وأقواله (فَقَطْ) لا فيما سبق الفسق فلا يرفض تقليده فيه إلَّا أنَّه لا يعتزي إليه بل إلى موافقيه من العلماء (وَإِنْ رَجَعَ) ذلك المجتهد عن اجتهاده الأول في مسألة إلى خلافه (فَلَا حُكْمَ لَهُ) أي لرجوعه (فِيمَا قَدْ نَفَذَ) أي فيما قد فعله هو أو المقلد له إذ قد نفذ (وَلَا ثَمَرَةَ لَهُ(١)) مستدامة (كَالْحَجِّ) فإذا رجع عن اجتهاد فيه قد أدَّاه به هو أو من قلده لم تلزم إعادته بعد الرجوع.
(١) في (ج): أوْ لَا ثَمَرَةَ لَهُ.