(فصل) في بيان الكفالة الصحيحة والفاسدة والباطلة
  وَبِالْإِبْرَاءِ أَوِ الصُّلْحِ عَنْهَا، وَلَا يَبْرَأُ الْأَصْلُ إلَّا فِي الصُّلْحِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاؤُهُ، وَبِاتِّهَابِهِ مَا ضَمِنَ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ، وَيَصِحُّ مَعَهَا طَلَبُ الْخَصْمِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ بَرَاءَتَهُ فَتَنْقَلِبُ حَوَالَةً.
  (فَصْلٌ) وَصَحِيحُهَا: أَنْ يَضْمَنَ بِمَا قَدْ ثَبَتَ فِي ذِمَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَوْ مَجْهُولاً، وَلَا رُجُوعَ، أَوْ سَيَثْبُتُ فِيهَا وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ، وَفَاسِدُهَا: أَنْ يَضْمَنَ بِغَيْرِ مَا قَدْ ثَبَتَ، كَبِعَيْنِ قِيمِيٍّ قَدْ تَلِفَ،
  (وَبِالْإِبْرَاءِ) للكفيل من الكفالة (أَوِ الصُّلْحِ عَنْهَا) بشيءٍ من المال ولا يحلُّ للمكفول له (وَلَا يَبْرَأُ الْأَصْلُ) ببراءة الضامن حيث لم يقصد إسقاط دينه (إلَّا فِي الصُّلْحِ) عن المال فإنه يبرأ الأصل معه لأن الصلح وقع من أصل الدين (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ) في المصالحة (بَقَاؤُهُ) أي الأصل على ما كان عليه فإنه لا يبرأ من الزائد على ما سلمه الكفيل (وَبِاتِّهَابِهِ) أي الضامن (مَا ضَمِنَ) به فإذا وهبه له المضمونُ له أو ملَّكه بأيِّ وجهٍ سقطت الكفالة (وَلَهُ) أي الكفيل بالمال (الرُّجُوعُ بِهِ) على من هو عليه (وَيَصِحُّ مَعَهَا) أي مع حصول الضمانة (طَلَبُ الْخَصْمِ) فيطلب من شاء الضامن أو المضمون عنه (مَا لَمْ يَشْتَرِطِ) الضامن (بَرَاءَتَهُ) أي براءة المضمون عنه فليس له طلبه (فَتَنْقَلِبُ حَوَالَةً) وقد برئ الأصل بالضمانة واشتراط البراءة.
(فَصْلٌ) في بيان الكفالة الصحيحة والفاسدة والباطلة
  (وَصَحِيحُهَا أَنْ يَضْمَنَ) لذمةٍ معلومةٍ (بِمَا قَدْ ثَبَتَ فِي ذِمَّةٍ مَعْلُومَةٍ) يتميز كلُّ واحدٍ منهما باسمه ونسبه عن غيره وإن لم يعرف شخصه، نحو أن يقول أنا ضامنٌ لك بالدين الذي قد ثبت في ذمة فلانٍ الفلاني (وَلَوْ) كان المال المكفول به (مَجْهُولاً) والقول للضامن في قدره (وَلَا رُجُوعَ) للضامن عن الضمانة (أَوْ) بما (سَيَثْبُتُ فِيهَا) أي في الذمة المعلومة وسواءٌ كان ثبوته بمعاملةٍ نحو ما بعتَ من فلانٍ فأنا ضامنٌ بذلك، أو بدعوى نحو ما صحَّ لك على فلانٍ بدعواك فأنا ضامنٌ لك به فإن الضمانة تصحُّ (وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ) أي قبل ثبوت الحق فله الرجوع قبل البيع في مثالنا عن الضمانة لا بعده وكذا للمكفول عنه.
  (وَفَاسِدُهَا أَنْ يَضْمَنَ بِغَيْرِ مَا قَدْ ثَبَتَ) في ذمة المكفول عنه (كَبِعَيْنِ قِيمِيٍّ قَدْ تَلِفَ) نحو حيوانٍ أو ثوبٍ قد استهلكه رجلٌ فيضمن بعينه فإنها فاسدة؛ لأنه ضمن بغير الواجب لأن الواجب القيمةُ لا العَيْنُ، وهكذا في كل ما خالف الواجب في سائر الضمانات.