لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في الفرق بين ضماني المباشرة والتسبيب في جناية الخطأ

صفحة 540 - الجزء 1

  (فَصْلٌ) وَالْمُبَاشِرُ مَضْمُونٌ وَإِنْ لَمْ يُتَعَدَّ فِيهِ، فَيَضْمَنُ غَرِيقاً مَنْ أَمْسَكَهُ فَأَرْسَلَهُ لِخَشْيَةِ تَلَفِهِمَا لَا الْمُسَبَّبُ إلَّا لِتَعَدٍّ فِي السَّبَبِ أَوْ سَبَبِهِ.

  (فَصْلٌ) وَالْمُسَبَّبُ الْمَضْمُونُ جِنَايَةُ مَا وُضِعَ بِتَعَدٍّ فِي حَقٍّ عَامٍّ أَوْ مِلْكِ الْغَيْرِ مِنْ حَجَرٍ وَمَاءٍ وَبِئْرٍ وَنَارٍ أَيْنَمَا بَلَغَتْ وَحَيَوَانٍ كَعَقْرَبٍ لَمْ يَنْتَقِلْ أَوْ عَقُورٍ مُطْلَقاً، وَمِنْهُ ظَاهِرُ الْمِيزَابِ، وَالْقَرَارُ عَلَى آمِرِ الْمَحْجُورِ مُطْلَقاً،


(فَصْلٌ) في الفرق بين ضماني المباشرة والتسبيب في جناية الخطأ

  (وَالْمُبَاشِرُ مَضْمُونٌ) على فاعله (وَإِنْ لَمْ يُتَعَدَّ فِيهِ) أي في فعله (فَيَضْمَنُ غَرِيقاً مَنْ أَمْسَكَهُ) يريد إنقاذه (فَأَرْسَلَهُ لِخَشْيَةِ تَلَفِهِمَا) معاً فمات الغريقُ إذ صار الْمُرْسِلُ مباشراً بالإرسال فيلزمه القودُ والله أعلم (لَا الْمُسَبَّبُ) فلا يضمنُه فاعلُ السبب نحو أن يقطع شجرةً في ملكه وتسقط في ملكه ويهلك باهتزازها هالكٌ فإنَّه لا يُضْمَنُ (إلَّا لِتَعَدٍّ فِي السَّبَبِ) نحو أن يحفر بئراً في حقٍّ عامٍّ أو ملكِ الغير (أَوْ) تعدٍّ في (سَبَبِهِ) أي في سبب السبب نحو أن يكون متعدِّياً في قطع الشجرة في المثال السابق.

(فَصْلٌ) في بيان صورٍ من التعدي ليقاس عليها غيرها

  (وَالْمُسَبَّبُ الْمَضْمُونُ) هو (جِنَايَةُ مَا وُضِعَ بِتَعَدٍّ) في وضعه، بأن يكون (فِي حَقٍّ عَامٍّ أَوْ مِلْكِ الْغَيْرِ) بغير إذنه فيتعثَّر به متعثِّرٌ (مِنْ حَجَرٍ وَمَاءٍ وَبِئْرٍ وَنَارٍ أَيْنَمَا بَلَغَتْ) ولو تعدَّت موضع تَأَجُّجِها فأهلكت في غير موضع التعدِّي فإنه يضمن واضعُها (وَحَيَوَانٍ) وُضِعَ في طريقٍ ونحوه (كَعَقْرَبٍ) وكلبٍ ونحوه غير مملوكٍ ولا مربوطٍ (لَمْ يَنْتَقِلْ) فإنها تضمن جنايته، لا إذا جنى بعد انتقاله فلا ضمان (أَوْ عَقُورٍ) مملوكٍ كالكلب ونحوه فإنها تضمن جنايته (مُطْلَقاً) أي سواءً بقي في مكانه أم انتقل؛ لأن حفظه واجبٌ.

  (وَمِنْهُ) أي ومن السبب المضمون (ظَاهِرُ الْمِيزَابِ) المرسَلِ إلى هواء حقٍّ عامٍّ بغير إذن الإمام أو الحاكم أو إلى ملكِ الغير بغير إذنه ولم يكن عُرْفُ أهل الجهة إخراجَ الميزاب إلى الطريق، وأمَّا ما وضع على الجدار منه فهو غيرُ متعدٍّ فيه لأنَّه على ملكه إلا أن يَسْقُطَ لثقلِ خارجه. (وَالْقَرَارُ) في الضمان (عَلَى آمِرِ الْمَحْجُورِ) عن التصرف لصغرٍ أو رقٍّ فترجع عاقلة الصبيِّ وسيد العبدِ على آمرِ الصبيِّ والعبدِ (مُطْلَقاً) أي سواءً كان العبد والصبي عالمين أو جاهلين بأنَّ ذلك الفعل خطأٌ ...