لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في بيان ما يجب إذا امتنع الكفار والبغاة عن الرجوع إلى الحق

صفحة 578 - الجزء 1

  وَلَوْ فَاسِقاً، وَتَقْدِيمُ دُعَاءِ الْكُفَّارِ إلَى الْإِسْلَامِ غَالِباً، وَالْبُغَاةِ إلَى الطَّاعَةِ، وَنُدِبَ أَنْ يُكَرِّرَهُ عَلَيْهِمْ ثَلَاثاً وَيَنْشُرَ فِيهَا الصُّحُفَ وَيُرَتِّبَ الصُّفُوفَ.

  (فَصْلٌ) فَإِنْ أَبَوْا وَجَبَ الْحَرْبُ إنْ ظَنَّ الْغَلَبَ، فَيَفْسُقُ مَنْ فَرَّ إلَّا مُتَحَيِّزاً إلَى فِئَةٍ


  ثابت القدم قوي القلب، حسن التدبير في أمور الإقدام والإحجام (وَلَوْ) كان ذلك الأمير (فَاسِقاً) إذا اقتضت ذلك الضرورةُ والحاجةُ، ويأخذ الإمام على الجيش أن لا يطيعوه في معصية الله. (وَتَقْدِيمُ دُعَاءِ الْكُفَّارِ إلَى الْإِسْلَامِ) قبل مقاتلتهم (غَالِباً) احترازاً من المرتدِّين، ومن قد بلغتهم دعوة الإسلام وعرفوه فإنه لا يجب تقديمُ دعائهم، ولكنه يستحب إذا رآه الإمام صلاحاً (وَ) عليه أيضاً تقديمُ دعاء (الْبُغَاةِ إلَى الطَّاعَةِ) للإمام والإنخراط في سلك من أطاعه (وَنُدِبَ) في دعاء الإمام الفريقينِ (أَنْ يُكَرِّرَهُ⁣(⁣١) عَلَيْهِمْ ثَلَاثاً) أي ثلاثة أيامٍ (وَيَنْشُرَ فِيهَا الصُّحُفَ) على أيدي الرجال، ويدعوهم إلى ما فيها، أو تلقى من الطائرات، أو ترسل إليهم أوراقٌ فيها دعاؤهم إلى الإسلام وما فيه من سلامة أموالهم وأنفسهم ومساواتهم بالمسلمين، ودعاءُ البغاة لرجوعهم إلى حضرة الطاعة والإتحاد ونحو ذلك (وَ) ندب له أيضاً أن (يُرَتِّبَ الصُّفُوفَ) في حالة التعبئة للقتال، كأن يجعل نَفْسَهُ أو القائدَ الكبيرَ في القلب ومعه طائفةٌ من العسكر متميزاً بصفوفه برايةٍ، أو نحو ذلك ليدير الحرب من هنالك، ويجعل على يمينه عسكراً آخر كذلك، وعلى الميسرة كذلك، وعسكراً آخر من وراء العسكر يسمونه السَّاقة وهكذا على ما يقتضيه الحالُ.

(فَصْلٌ) في بيان ما يجب إذا امتنع الكفار والبغاة عن الرجوع إلى الحقِّ

  (فَإِنْ أَبَوْا) بعد الدعاء إلاَّ التمادي في الباطل (وَجَبَ) على الإمام (الْحَرْبُ) لهم، وعلى المسلمين أن يتبعوه في ذلك (إنْ ظَنَّ الْغَلَبَ) له ولجنده على هؤلاء العصاة قبل الدخول في الحرب، أمَّا بعد الحرب (فَيَفْسُقُ مَنْ فَرَّ) من معسكر الإمام عند لقاء عدوه، ولو لم يظنَّ الفارُّ الغلبَ لأنَّه كبيرةٌ بنصِّ القرآن (إلَّا) أن يكون في فراره متحرِّفاً لقتالٍ من جانبٍ إلى جانبٍ، أو (مُتَحَيِّزاً إلَى فِئَةٍ) أي يأوي بنفسه إلى ما يمنعه من عدُوِّهِ وهي الفئة فلا يفسق،


(١) في (ب): يُكَرِّرَ عَلَيْهِمْ.