(فصل) في بيان ما يجوز للإمام أو نائبه فعله في قتل المشركين عند الضرورة فقط
  ذَكَرٍ غَيْرِ كِتَابِيٍّ؛ فَالْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ، وَأَمْوَالُهُمْ، وَلَا يَسْتَبِدُّ غَانِمٌ بِمَا غَنِمَ وَلَوْ طَلِيعَةً أَوْ سَرِيَّةً بِقُوَّةِ رِدْئِهِمْ إلَّا بِشَرْطِ الْإِمَامِ أَوْ تَنْفِيلِهِ فَلَا يَعْتِقُ الرَّحِمُ وَنَحْوُهُ، وَمَنْ وَطِئَ رَدَّهَا وَعُقرَهَا وَوَلَدَهَا وَلَا حَدَّ وَلَا نَسَبَ، وَلِلْإِمَامِ قِيلَ وَلَوْ غَائِباً الصَّفِيُّ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ،
  (ذَكَرٍ غَيْرِ كِتَابِيٍّ) أي ليس بذي مِلَّةٍ مستندةٍ إلى كتابٍ مشهورٍ كالتوراة والإنجيل (فَالْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ) ليس لهم إلَّا ذلك، وضابط مسألة السبي وعدمه: أنه يجوز سبي كلِّ صغيرٍ وأنثى مطلقاً من العرب وغيرهم، ومن له كتابٌ مطلقاً، ولو من العرب إلا الكبير غير الكتابي من العرب فلا يجوز سبيه إذا كان ذكراً، وكذا المرتد فلا يقبل منهم إلَّا الإسلام أو القتل (وَ) تُغْنَمُ من الكفار أيضاً (أَمْوَالُهُمْ) كلُّها من منقولٍ وغير منقولٍ. (وَلَا يَسْتَبِدُّ غَانِمٌ بِمَا غَنِمَ) دون سائر الجيش إلَّا مأكولاً له ولدابته (وَلَوْ) كان ذلك الغانم (طَلِيعَةً) لجيشه، والطليعة هم الذين يتقدمون الجيش لينظروا معسكرَ العدوِّ (أَوْ سَرِيَّةً) أرسلها القائد ولم ينهض هو وبقيةُ الجيش، فإذا غنموا شيئاً وكان ذلك (بِقُوَّةِ رِدْئِهِمْ) وهيبته فلا يستبدوا بما غنموه (إلَّا) بأحد أمرين: إمَّا (بِشَرْطِ الْإِمَامِ) نحو أن يقول هو أو أمير الجيش: «من قتل قتيلاً فله سلبه»، أو: «من أصاب شيئاً من الغنيمة فهو له» فيجوز للغانم أن يستبدَّ بما غنم (أوْ تَنْفِيلِهِ) أي الإمام يعني إذا خصَّ أحدَ المجاهدين بشيءٍ دون غيره فيجوز له أن يستبدَّ به لجواز التنفيل للإمام، نعم وإذا كان الغانم لا يستبدُّ بما غنم (فَلَا يَعْتِقُ(١) الرَّحِمُ) لو سباه رَحمُهُ؛ إذ لا ملك له فيه قبل القسمة، فإن تعين له بعد القسمة عَتَقَ (وَ) كذلك (نَحْوُهُ) أي نحو الإستيلاء على ذي الرحم أن يُعتِقَ الغانم ما سباه قبل القسمة، فإنَّ العتقَ لا يقع؛ إذ لا عتق قبل الملك (وَمَنْ وَطِئَ) سبيةً قبل القسمة (رَدَّهَا) إلى جملة الغنيمة (وَ) رَدَّ (عُقرَهَا وَوَلَدَهَا) منه لأنه وطئ ما لا يملِك (وَلَا حَدَّ) عليه لأجلِ الشبهة (وَلَا نَسَبَ) لذلك الولد من الواطئ.
  (وَلِلْإِمَامِ) من الغنيمة (قِيلَ) الفقيه حسن (وَلَوْ) كان (غَائِباً) عن الجهاد ولو في بيته (الصَّفِيُّ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ) من عقارٍ أو دارٍ أو سيفٍ أو فرسٍ أو نحو ذلك يختاره الإمام لنفسه، ويجب تخميسُهُ، والمختار للمذهب أنه لأمير الجيش إذا كان الإمام غائباً.
(١) في (أ): وَلا يَعْتِقُ.