لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في حكم الصلح وما يتعلق به

صفحة 588 - الجزء 1

  لَمْ يَجُزْ خَرْمُهُ، فَإِنِ اخْتَلَّ قَيْدٌ رُدَّ مَأْمَنَهُ غَالِباً، وَيَحْرُمُ لِلْغَدْرِ، وَلَا يُمَكَّنُ الْمُسْتَأْمِنُ مِنْ شِرَاءِ آلَةِ الْحَرْبِ إلَّا بِأَفْضَلَ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُؤَمَّنِ مُطْلَقاً، وَعَلَى الْمُؤَمِّنِ بَعْدَ الْفَتْحِ؛ إلَّا الْإِمَامَ فَالْقَوْلُ لَهُ.

  (فَصْلٌ) وَلِلْإِمَامِ عَقْدُ الصُّلْحِ لِمَصْلَحَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَيَفِي بِمَا وَضَعَ وَلَوْ عَلَى رَدِّ مَنْ جَاءَنَا مُسْلِماً ذَكَراً تَخْلِيَةً لَا مُبَاشَرَةً أَوْ عَلَى بَذْلِ رَهَائِنَ أَوْ مَالٍ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ،


  فإذا وقع ما أفاد التأمين من الأقوال والأفعال (لَمْ يَجُزْ) لأحدٍ من المسلمين (خَرْمُهُ) لأن الوفاء بالذمَّة واجبٌ إجماعاً (فَإِنِ اخْتَلَّ قَيْدٌ) من هذه القيود التي تقدمت (رُدَّ مَأْمَنَهُ) أي لم يَجُزْ قتلُه في الحال ولا إتمامُ أمانه بل يرد إلى مأمنه قبل بلوغه مرادَهُ بالأمان (غَالِباً) احترازاً من أمانٍ عُقِدَ بعد نهي الإمام عن الأمان، وعَلِمَهُ المؤمِّنُ والمؤَمَّنُ فإنه لا يُرَدُّ بل يباح قتلُه.

  (وَيَحْرُمُ) عقد الأمان (لِلْغَدْرِ) بالمستأمن بالإجماع، فإن غدر أَثِمَ وكانت الديةُ من ماله (وَلَا يُمَكَّنُ الْمُسْتَأْمِنُ مِنْ شِرَاءِ آلَةِ الْحَرْبِ) كالسيف والبندقِ والرَّشَّاشِ (إلَّا بِأَفْضَلَ) منه من آلة الحرب لا من غيرها (وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُؤَمَّنِ) المدَّعِي للأمان إذا أنكره المسلمون (مُطْلَقاً) أي سواءً كانت دعواه قبل الفتح أم بعده (وَ) البينة (عَلَى) المسلم (الْمُؤَمِّنِ) للمشرك إذا ادَّعى (بَعْدَ الْفَتْحِ) لدار الكفر أنَّه كان قد أمَّنَهُ قبل الفتح؛ لأن الظاهر خلاف ذلك بعد الفتح لا قبله، فالقول قوله (إلَّا الْإِمَامَ) إذا ادَّعى تأمين بعضِ المشركين أو أميرَهُ (فَالْقَوْلُ لَهُ) ولا بيِّنةَ عليه لا قبل الفتح ولا بعده.

(فَصْلٌ) في حكم الصلح وما يتعلق به

  (وَلِلْإِمَامِ) أو نائبه بإذنه أو مُفَوَّضاً (عَقْدُ الصُّلْحِ) مع الكفار أو البغاة (لِمَصْلَحَةٍ) كضعف المسلمين في تلك الحال، أو نحو ذلك، ولا بدَّ أن يكون الصلح (مُدَّةً مَعْلُومَةً) ولا يجوز أن يكون مؤبداً (فَيَفِي) الإمام والمسلمون (بِمَا وَضَعَ) لأعدائه في مدة الهدنة (وَلَوْ) كان الصلح مع ضعف المسلمين (عَلَى) شرط (رَدِّ مَنْ جَاءَنَا) من الكفار (مُسْلِماً) في حال كونه (ذَكَراً) لا أنثى فلا يجوز ردها، وكذا الذكر إذا لم يكن له عشيرةٌ لكن يكون الرَّدُّ (تَخْلِيَةً) مِنَّا بينهم وبينه (لَا مُبَاشَرَةً) بأن نقبِضه بإحكامٍ ثم نسلِّمَهُ إليهم فلا يجوز (أَوْ) نصالحهم (عَلَى بَذْلِ رَهَائِنَ) منهم إلينا من أموالهم أو أنفسهم وثيقةً في الوفاء فيجوز ذلك (أَوْ) على بذل (مَالٍ مِنَّا) لهم لأجل ضعفنا (أَوْ) مالٍ (مِنْهُمْ) لنا.