لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في بيان الصلح المؤبد ومن يجوز تأبيد صلحه ومن لا يجوز

صفحة 590 - الجزء 1

  (فَصْلٌ) وَيَصِحُّ تَأْبِيدُ صُلْحِ الْعَجَمِيِّ وَالْكِتَابِيِّ بِالْجِزْيَةِ، وَلَا يُرَدُّونَ حَرْبِيِّينَ، وَيُلْزَمُونَ زِيّاً يَتَمَيَّزُونَ بِهِ فِيهِ صَغَارٌ مِنْ زُنَّارٍ وَلُبْسِ غِيَارٍ وَجَزِّ وَسَطِ النَّاصِيَةِ، وَلَا يَرْكَبُونَ عَلَى الْأُكُفِ إلَّا عَرْضاً، وَلَا يُظْهِرُونَ شِعَارَهُمْ إلَّا فِي الْكَنَائِسِ، وَلَا يُحْدِثُونَ بِيعَةً، وَلَهُمْ تَجْدِيدُ مَا خَرِبَ، وَلَا يَسْكُنُونَ فِي غَيْرِ خِطَطِهِمْ إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْلِمِينَ لِمَصْلَحَةٍ،


  مفاداته بعوض، والمختار جواز ذلك على حسب ما يراه الإمام من المصلحة.

(فَصْلٌ) في بيان الصلح المؤبَّد ومن يجوز تأبيد صلحه ومن لا يجوز

  (وَيَصِحُّ تَأْبِيدُ صُلْحِ الْعَجَمِيِّ) ولو غيرَ كتابيٍّ كالمجوسي (وَ) يصح تأبيد صلح العربي (الْكِتَابِيِّ) كالعجميِّ (بِالْجِزْيَةِ) يؤديها إلى المسلمين (وَلَا يُرَدُّونَ) أي الكتابيون الحربيون إذا ظفرنا بهم (حَرْبِيِّينَ) بل يقع الخيارُ للإمام بين قتلهم، أو استرقاقهم، أو تقريرهم على دينهم بجزية منهم إذا لم يقبلوا الإسلام (وَيُلْزَمُونَ) إذا التزموا الدخولَ تحت الذمَّة وتسليمَ الجزية (زِيّاً يَتَمَيَّزُونَ بِهِ) عن المسلمين رجالاً ونساءً (فِيهِ صَغَارٌ مِنْ زُنَّارٍ) وهي مِنْطَقةٌ تربطُ في الوسط فوق الثياب وتكون حمراء أو فيها خيطٌ أحمرُ (وَلُبْسِ غِيَارٍ) يعني لباساً مغايراً للباس المسلمين، وأولى ما يليق باليهود الأغبرُ وبالنصارى الأزرق (وَجَزِّ وَسَطِ النَّاصِيَةِ) لمن طوَّل شعر رأسه وشَقَّ عليه اللباس المغاير لعارضٍ، ويمنعون من فَرْقِ الشَّعَرِ (وَلَا يَرْكَبُونَ عَلَى الْأُكُفِ) والأكف: جمع أكافٍ وهو الوطاف في عرفنا للحمار، وكذا سرجُ الفرس ونحو ذلك (إلَّا عَرْضاً) وذلك بأن تكون رجلاه معاً مجتمعتين في أحد الجانبين من الدابة، أمَّا إذا لم يكن على ظهر الدابة أكافٌ ونحوه ركبوا كيف شاءوا (وَلَا يُظْهِرُونَ شِعَارَهُمْ) وهو صُلبانهم وكتبهم (إلَّا فِي الْكَنَائِسِ) والبِيَعِ لا في شيءٍ من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ويُحَدُّونَ لشربِ المسكر من الخمر لا دونه (وَلَا يُحْدِثُونَ بِيعَةً) ولا كنيسةً لم تكن موجودةً يوم ضرب الذمة عليهم (وَلَهُمْ تَجْدِيدُ مَا خَرِبَ) من البِيَعِ والكنائسِ حيث هم مُقَرُّون عليه وثَمَّةَ مصلحةٌ (وَلَا يَسْكُنُونَ فِي غَيْرِ خِطَطِهِمُ) التي كان عقد الذمَّة لهم وهم ساكنون بها، ولا يقبلون مهاجراً إليهم لم يكن تحت ذمَّتِنا سواءً كان من ملتهم أم لا (إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْلِمِينَ) يعني أهل الحلِّ والعقد منهم، وليس لهم الإذن إلَّا (لِمَصْلَحَةٍ) مُرَجَّحَةٍ زائدةٍ على مصلحة الترك، ومتى بطلت المصلحة أُزْعِجُوا عنها فوراً.