(فصل) في بيان ما ينتقض به عهد أهل الذمة والبغاة والمحاربين
  وَلَا يُظْهِرُونَ الصُّلْبَانَ فِي أَعْيَادِهِمْ إلَّا فِي الْبِيَعِ، وَلَا يَرْكَبُونَ الْخَيْلَ، وَلَا يَرْفَعُونَ دُورَهُمْ عْلَى دُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَبِيعُونَ رِقّاً مُسْلِماً شَرَوْهُ، وَيَعْتِقُ بِإِدْخَالِهِمْ إيَّاهُ دَارَ الْحَرْبِ قَهْراً.
  (فَصْلٌ) وَيَنْتقِضُ عَهْدُهُمْ بِالنَّكْثِ مِنْ جَمِيعِهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ إنْ لَمْ يُبَايِنْهُمُ الْبَاقُونَ قَوْلاً وَفِعْلاً، وَعَهْدُ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْجِزْيَةِ إنْ تَعَذَّرَ إكْرَاهُهُ، قِيلَ أَوْ نَكَحَ مُسْلِمَةً، أَوْ زَنَى بِهَا، أَوْ قَتَلَ مُسْلِماً، أَوْ فَتَنَهُ، أَوْ دَلَّ عَلَى عَوْرَتِهِ، أَوْ قَطَعَ طَرِيقاً.
  (وَلَا يُظْهِرُونَ الصُّلْبَانَ فِي أَعْيَادِهِمْ إلَّا فِي الْبِيَعِ) والصُلبان جَمعُ صليبٍ وهو عودٌ على شكل خطَّين متقاطعين يزعمون أن المسيح صُلِبَ عليه (وَلَا يَرْكَبُونَ الْخَيْلَ) ولا البغال لأنها من جملة السلاح، وهم ممنوعون منه (وَلَا يَرْفَعُونَ دُورَهُمْ عْلَى دُورِ الْمُسْلِمِينَ) المجاورة لهم وأمَّا المساواةُ فجائزةٌ (وَيَبِيعُونَ رِقّاً) ذكراً (مُسْلِماً شَرَوْهُ) أو ملَكُوه بغير الشراء، وكذا لو أسلم أحد مماليكهم، وأمَّا الأنثى فلا يصح لهم تملُّكُها مع إسلامها بالإجماع (وَيَعْتِقُ) العبدُ (بِإِدْخَالِهِمْ إيَّاهُ دَارَ الْحَرْبِ قَهْراً) منهم، والظاهر للمذهب أنه لا يعتق لأنه لا يملك نفسه بقهرهم إلا إذا دخل باختياره ولا يدُ ثابتةٌ عليه فإنَّه يملك نفسَه ويعتِق.
(فَصْلٌ) في بيان ما ينتقض به عهد أهل الذمة والبغاة والمحاربين
  (وَيَنْتقِضُ عَهْدُهُمُ) المؤبَّدُ والمؤقتُ (بِالنَّكْثِ) للعهد بقولٍ أو فعلٍ، نحو أن يقولوا نحن براءٌ من العهد الذي بيننا وبينكم، أو يأخذوا السِّلاحَ ويتأهَّبوا للقتال سواءً كان النكث (مِنْ جَمِيعِهِمْ أَوْ) من (بَعْضِهِمْ إنْ لَمْ يُبَايِنْهُمُ الْبَاقُونَ قَوْلاً وَفِعْلاً) حيث يقدرون على المباينة، وإلَّا لم ينتقض عهدُهُم، وكذا إذا باينوا الناكث بقتاله معنا أو بالبراءة منه والعزم على القيام عليه لم ينتقض عهدُهُم يعني المباينين (وَ) ينتقض أيضاً (عَهْدُ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْجِزْيَةِ) منهم (إنْ تَعَذَّرَ إكْرَاهُهُ) على تسليمها فيُقْتَلُ أو يُسْتَرَقُّ (قِيلَ) الإمام زيد بن علي والإمام النَّاصر @ (أَوْ نَكَحَ مُسْلِمَةً) يعني بعقدٍ (أَوْ زَنَى بِهَا أَوْ قَتَلَ مُسْلِماً) عمداً عدواناً (أَوْ فَتَنَهُ) عن دينه إمَّا بالتوعد بالقتل أو الضرب، أو نحو ذلك أو بتزيين دينَهُ وذَمِّ دينِ الإسلام (أَوْ دَلَّ عَلَى عَوْرَتِهِ) نحو أن يدلَّ لصّاً أو سارقاً على مال المسلم أو يدل باغياً عليه فيقتله (أَوْ قَطَعَ طَرِيقاً) من طرق المسلمين أو الذميين فإنه ينتقض عهده إذا فعل أيَّ هذه الأمور، ووافقهما المذهب في فتنة المسلم عن دينه، وأما إذا نكح مسلمةً أو زنى بها فالمختار للمذهب أنه يُحَدُّ جلداً أو رجماً، وإذا قتل مسلماً قُتِلَ به قصاصاً، وإذا دل على عورته عُزِّرَ، وإذا قطع طريقاً أُجْرِيَ عليه حكمُ المحارِبِ، ولا ينتقض