لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في معاملة الظلمة والفساق

صفحة 600 - الجزء 1

  (فَصْلٌ) وَيَجِبُ إعَانَةُ الظَّالمِ عَلَى إقَامَةِ مَعْرُوفٍ أَوْ إزَالَةِ مُنْكَرٍ، وَالْأَقَلِّ ظُلْماً عَلَى إزَالَةِ الْأَكْثَرِ مَهْمَا وَقَفَ عَلَى الرَّأْيِ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَى قُوَّةِ ظُلْمِهِ، وَيَجُوزُ إطْعَامُ الْفَاسِقِ، وَأَكْلُ طَعَامِهِ، وَالنُّزُولُ عَلَيْهِ، وَإِنْزَالُهُ، وَإعَانَتُهُ، وَإِينَاسُهُ، وَمَحَبَّتُهُ لِخِصَالِ خَيْرٍ فِيهِ، أَوْ لِرَحِمِهِ، لَا لِمَا هُوَ عَلَيْهِ، وَتَعْظِيمُهُ وَالسُّرُورُ بِمَسَرَّتِهِ، وَالْعَكْسُ فِي حَالٍ لِمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ،


(فَصْلٌ) في معاملة الظلمة والفسَّاق

  (وَيَجِبُ إعَانَةُ الظَّالِمِ عَلَى إقَامَةِ) واجبٍ ويندب إعانته على إقامة (مَعْرُوفٍ أَوْ) على (إزَالَةِ مُنْكَرٍ) ولهم أن يطلبوا من السلطان الظالم حبسَ الدُّعَّار والمفسدين (وَ) يجب إعانة (الْأَقَلِّ ظُلْماً) من الظالمين (عَلَى إزَالَةِ الْأَكْثَرِ) ظلماً، حيث قصدوا إزالةَ المنكر فقط، وبشرطٍ ذكره # بقوله: (مَهْمَا وَقَفَ عَلَى الرَّأْيِ) أي على رأي الْمُعِينِينَ له من المؤمنين (وَلَمْ يُؤَدِّ) إعانتهم له (إلَى قُوَّةِ ظُلْمِهِ) بأنْ يستظهرَ على الرعية بتلك الإعانة، وتمتدَّ يدُهُ إلى قبض ما لا يستحِقُّهُ من الواجبات (وَيَجُوزُ) للمسلم (إطْعَامُ الْفَاسِقِ) وكذا الكافر (وَأَكْلُ طَعَامِهِ) أي الفاسق ما لم يؤدِّ إلى مودته وميل القلب إليه، أو تَجَرِّي الفاسق على فسقه (وَ) يجوز (النُّزُولُ عَلَيْهِ) أي على الفاسق (وَإِنْزَالُهُ) أي ضيافته (وَإعَانَتُهُ) على بعض أمور دنياه (وَإِينَاسُه) قولاً بالثناء عليه بما تطيب به نفسه ولا كذب فيه، نحو أنت رئيسنا وأهلُ الإكرام منَّا، وفعلاً نحو أن يضيفه (وَمَحَبَّتُهُ) بمعنى أن يريد حصول المنافع له ودفع المضارِّ عنه إذا كانت تلك الأمورُ من قوله: «النزول عليه» إلى هنا؛ واقعةً (لِخِصَالِ خَيْرٍ فِيهِ) من كرمِ أخلاقٍ أو شجاعةٍ في جهادٍ أو حميَّةٍ على بعض المسلمين أو مجازاةٍ له (أَوْ) يفعل ذلك (لِرَحِمِهِ) منه كابنٍ أوْ أبٍ أوْ أخٍ فيجوز ذلك (لَا) أن يفعل ذلك (لِمَا هُوَ عَلَيْهِ) من الطغيان والعصيان فيحرم ذلك (وَ) يجوز (تَعْظِيمُهُ) أي الفاسق كما فعل النبي ÷ لعديِّ بن حاتم قبل إسلامه (وَ) يجوز أيضاً (السُّرُورُ بِمَسَرَّتِهِ) كما حكى الله تعالى عن المؤمنين أنهم فرحوا بانتصار الروم على فارس بقوله تعالى: {وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٤ بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ}⁣[الروم: ٤ - ٥] (وَالْعَكْسُ) وهو أن يغتمَّ بغمِّ الفاسق، وإنَّما يجوز كلُّ ذلك في حقِّ الفاسق (فِي حَالٍ) من الحالات لا في جميع الأحوال، وتلك الحال هي أن يفعل ذلك (لِمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ) ولو خاصةً من توبةٍ يرجوها منه أو إقلاعٍ من المعاصي يؤمله منه، أو معونةٍ تقع منه لمؤمنٍ، أو دفع ظلمٍ عنه، فإن كان لمصلحةٍ دنيويةٍ فلا يجوز ذلك.