تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[67] - قوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير 237}

صفحة 108 - الجزء 1

  الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ٢٣٦}

  أ - أما قوله تعالى: {مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ} ففيه مسألتان: المسألة الأولى: معنى الآية أنه يجب أن يكون على قدر حال الزوج في الغنى والفقر، ثم اختلفوا فمنهم من يعتبر حالهما، وهو قول القاضي، ومنهم من يعتبر حال الزوج فقط. قال أبو بكر الرازي | في المتعة: يعتبر حال الرجل، وفي مهر المثل حالها، وكذلك في النفقة واحتجّ أبو بكر بقوله: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} واحتج القاضي بقوله: {بِالْمَعْرُوفِ} فإن ذلك يدل على حالهما لأنه ليس من المعروف أن يسوى بين الشريفة والوضيعة⁣(⁣١).

  ب - وقوله: {مَتاعاً} أي: ومتعوهن متاعا {بِالْمَعْرُوفِ} أي:

  وسطا ليس فيه إسراف ولا تقتير. وقيل: متاعا معتبرا بحال الرجل في اليسار والاقتار. وقيل: معتبرا بحالهما جميعا إذ لا يسوي بين حرة شريفة، وبين أمة معتقة، ليكون ذلك خارجا عن التعارف، عن القاضي⁣(⁣٢).

[٦٧] - قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٢٣٧}

  قال أبو بكر الأصم، والزجاج: هذه الآية تدل على أن عقد النكاح بغير المهر جائز، وقال القاضي: إنها لا تدل على الجواز لكنها تدل على الصحة، أما بيان دلالتها على الصحة، فلأنه لو لم يكن صحيحا لم يكن الطلاق مشروعا،


(١) م. ن ج ٦/ ١٤٩.

(٢) الطبرسي: مجمع البيان ج ٢/ ٥٩٥.