تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[63] - قوله تعالى: {ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين 222}

صفحة 106 - الجزء 1

[٦٣] - قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ٢٢٢}

  أ - {قُلْ} يا محمد {هُوَ أَذىً} معناه قذر ونجس، عن قتادة، والسدي. وقيل: دم، عن مجاهد. وقيل: هو أذى لهن وعليهن لما فيه من المشقة، قاله القاضي⁣(⁣١).

  ب - قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} نهى عن قربانهن وجعل غاية ذلك النهي أن يطهرن بمعنى ينقطع حيضهن، وإذا كان انقطاع الحيض غاية لهذا النهي وجب أن لا يبقى هذا النهي عند انقطاع الحيض، أجاب القاضي عنه بأنه لو اقتصر على قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} لكان ما ذكرتم لازما، أما لما ضمّ إليه قوله: {فَإِذا تَطَهَّرْنَ} صار المجموع هو الغاية⁣(⁣٢).

  ج - أما قوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ... فإن قيل: ظاهر الآية يدل على أنه يحب تكثير التوبة مطلقا، والعقل يدل على أن التوبة لا تليق إلّا بالمذنب، فمن لم يكن مذنبا وجب أن لا تحسن منه التوبة.

  والجواب من وجهين ... الثاني: قال أبو مسلم الأصفهاني: (التوبة) في اللغة عبارة عن الرجوع ورجوع العبد إلى اللّه تعالى في كل الأحوال محمود، اعترض القاضي عليه بأن (التوبة) وإن كانت في أصل اللغة عبارة عن الرجوع، إلّا أنها في عرف الشرع عبارة عن الندم على ما فعل في الماضي، والترك في الحاضر،


(١) الطبرسي: مجمع البيان ج ٢/ ٥٦٢.

(٢) م. ن ج ٦/ ٧٣.