[3] - قوله تعالى: {أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين 38}
  بحثا عن أحواله وأشد الناس غلوا فيه حتى زعموا كونه إلها ولا شك أن الكلام في الطفولية من المناقب العظيمة والفضائل التامة فلما لم تعرفه النصارى مع شدة الحب وكمال البحث عن أحواله علمنا أنه لم يوجد ولأن اليهود أظهروا عداوته حال ما أظهر ادعاء النبوة فلو أنه # تكلم في زمان الطفولية وادعى الرسالة لكانت عداوتهم معه أشد ولكان قصدهم قتله أعظم فحيث لم يحصل شيء من ذلك علمنا أنه ما تكلم. أما المسلمون فقد احتجوا من جهة العقل على أنه تكلم فإنه لولا كلامه الذي دلهم على براءة أمه من الزنا لما تركوا إقامة الحد على الزنا عليها ففي تركهم لذلك دلالة على أنه # تكلم في المهد(١).
[٣] - قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ٣٨}
  ففيه مسائل: ... المسألة الثانية: قوله {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا} فيه ثلاثة أوجه ... وثانيها: قال القاضي: ويحتمل أن يكون المراد: أسمع هؤلاء وأبصرهم، أي عرفهم حال القوم الذين يأتوننا ليعتبروا وينزجروا(٢).
[٤] - قوله تعالى: {وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا ٥٢}
  وفي قوله: {وَقَرَّبْناهُ} قولان: ... والثاني: قرب المنزلة أي رفعنا قدره وشرفناه بالمناجاة، قال القاضي: وهذا أقرب، لأن استعمال القرب في اللّه قد صار بالتعارف لا يراد به إلّا المنزلة، وعلى هذا الوجه يقال في العبادة، تقرب، ويقال في الملائكة $ إنهم مقربون، وأما {نَجِيًّا} فقيل فيه أنجيناه من
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢١ ص ١٨٥. (طبعة دار الكتب العلمية).
(٢) م. ن ج ٢١/ ٢٢٢.