تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[17] - قوله تعالى: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسئلكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين 90}

صفحة 171 - الجزء 1

  فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ ٨٦}

  قال القاضي: ويمكن أن يقال المراد: وكلّا من الأنبياء يفضلون على كل من سواهم من العالمين⁣(⁣١).

[١٧] - قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ ٩٠}

  قال القاضي: يبعد حمل هذه الآية على أمر الرسول بمتابعة الأنبياء $ المتقدمين في شرائعهم لوجوه: أحدها: أن شرائعهم مختلفة متناقضة فلا يصحّ مع تناقضها أن يكون مأمورا بالاقتداء بهم في تلك الأحكام المتناقضة.

  وثانيها: أن الهدى عبارة عن الدليل دون نفس العمل. وإذا ثبت هذا فنقول:

  دليل ثبات شرعهم كان مخصوصا بتلك الأوقات لا في غير ذلك الأوقات. فكان الاقتداء بهم في ذلك الهدى هو أن يعلم وجوب تلك الأفعال في تلك الأوقات فقط، وكيف يستدل بذلك على اتباعهم في شرائعهم في كل الأوقات؟ وثالثها:

  أن كونه عليه الصلاة والسلام متبعا لهم في شرائعهم يوجب أن يكون منصبه أقل من منصبهم وذلك باطل بالإجماع، فثبت بهذه الوجوه أنه لا يمكن حمل هذه الآية على وجوب الاقتداء بهم في شرائعهم⁣(⁣٢).

[١٨] - قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ


(١) م. ن ج ١٣/ ٦٥.

(٢) م. ن ج ١٣/ ٧١.