[21] - قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير 103}
  فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
  قال القاضي: المراد لمن يطلب الإيمان باللّه تعالى، لأنه آية لمن آمن ولمن لم يؤمن، ويحتمل أن يكون وجه تخصيص المؤمنين بالذكر أنهم الذين انتفعوا به دون غيرهم كما تقدم تقريره في قوله {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}(١).
[٢١] - قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}
  اعلم أن القاضي ذكر في تفسيره وجوها أخرى تدل على نفي الرؤية وهي في الحقيقة خارجة عن التمسك بهذه الآية، ومنفصلة عن علم التفسير وخوض في علم الأصول، ولما فعل القاضي ذلك فنحن ننقلها ونجيب عنها، ثم نذكر لأصحابنا وجوها دالة على صحّة الرؤية.
  أما القاضي فقد تمسك بوجوه عقلية أولها: أن الحاسة إذا كانت سليمة وكان المرئي حاضرا وكانت الشرائط المعتبرة حاصلة وهي أن لا يحصل القرب القريب، ولا البعد، البعيد ولا يحصل الحجاب، ويكون المرئي مقابلا أو في حكم المقابل فإنه يجب حصول الرؤية، إذ لو جاز مع حصول هذه الأمور أن لا تحصل الرؤية جاز أن يكون بحضرتنا بوقات وطبلات ولا نسمعها ولا نراها وذلك يوجب السفسطة. قالوا إذا ثبت هذا فنقول: إن انتفاء القرب القريب والبعد البعيد والحجاب وحصول المقابلة في حق اللّه تعالى ممتنع، فلو صحت رؤيته لوجب أن يكون المقتضي لحصول تلك الرؤية هو سلامة الحاسة وكون المرئي تصح رؤيته. وهذان المعنيان حاصلان في هذا الوقت. فلو كان بحيث تصح رؤيته لوجب أن تحصل رؤيته في هذا الوقت. وحيث لم تحصل هذه الرؤية علمنا أنه ممتنع الرؤية. والحجة الثانية: أن كل ما كان مرئيا كان مقابلا
(١) م. ن ج ١٣/ ١١٢.