[29] - قوله تعالى: {من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون 178}
  العلماء من العام والخاص في معنى هذه الآية، وهذا الإخراج والإشهاد على وجوه: ... (وثالثها) أنه تعالى إنما عنى بذلك جماعة من ذرية آدم خلقهم وأكمل عقولهم وقرّرهم على ألسن رسله $ بمعرفته، وبما يجب من طاعته، فأقرّوا بذلك، وأشهدهم على أنفسهم به لئلا يقولوا يوم القيامة: إن كنّا عن هذا غافلين، أو يقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل فقلّدناهم في ذلك، فنبّه سبحانه على أنه لا يعاقب من له عذر رحمة منه لخلقه وكرما، وهذا يكون في يوم خاص من بني آدم، ولا يدخل جميعهم فيه، لأن المؤمن لا يدخل فيه، لأنه بيّن أن هؤلاء المأخوذ ميثاقهم كان لهم سلف في الشرك، ولأنه ولد من آدم لصلبه لم يؤخذوا من ظهور بني آدم فقد أخرجوا من ذلك، وهذا اختيار الجبّائي، والقاضي(١).
[٢٩] - قوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ١٧٨}
  وذكروا في التأويل وجوها كثيرة: الأول: وهو الذي ذكره الجبّائي وارتضاه القاضي أن المراد من يهده اللّه إلى الجنة والثواب في الآخرة، فهو المهتدي في الدنيا، السالك طريقة الرشد فيما كلف، فبيّن اللّه تعالى أنه لا يهدي إلى الثواب في الآخرة إلّا من هذا وصفه، ومن يضلله عن طريق الجنة {فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ}(٢).
[٣٠] - قوله تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ
(١) الطبرسي: مجمع البيان ٤/ ٧٦٦.
(٢) م. ن، ج ١٥/ ٥٩.