[4] - قوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال 36}
  الكلام المتقدم هو في ذكر الآيات المنزلة، فإذا حملناه على الهدى دخل الكل فيه، وإذا حملناه على الزيادة لم يدخل فيه إلّا البعض، وإذا حمل على طريق الجنة لا يكون داخلا فيه أصلا إلّا من حيث المعنى لا من حيث اللفظ ولما زيف هذين الجوابين، قال: الأولى أن يقال: إنه تعالى هدى بذلك البعض دون البعض، وهم الذين بلغهم حد التكليف(١).
[٤] - قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ٣٦}
  وأما قول أبي مسلم(٢) فقد اعترض عليه القاضي من وجهين: الأول: أن قوله: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ}[النور: ٣٤] المراد منه خلا من المكذبين للرسل لتعلقه بما تقدم من الإكراه على الزنا ابتغاء للدنيا، فلا يليق ذلك بوصف هذه البيوت، لأنها بيوت أذن أن يذكر فيها اسمه. الثاني: أن هذه الآية صارت منقطعة عن تلك الآية بما تخلل بينهما من قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}[النور: ٣٥](٣).
= يَشاءُ} محمول على زيادات الهدى الذي هو كالضد للخذلان الحاصل للضال الثاني:
أنه سبحانه يهدي لنوره الذي هو طريق الجنة من يشاء وشبهه بقوله: {يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ}[الحديد: ١٢].
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٣/ ٢٣٨.
(٢) أما قول أبي مسلم فهو: ان قوله تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ} أنه راجع إلى قوله: {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ}[النور: ٣٤] أي ومثلا من الذين خلوا من قبلكم في بيوت أذن اللّه أن ترفع، ويكون المراد بالذين خلوا الأنبياء والمؤمنين والبيوت المساجد.
(٣) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٤/ ٤.