تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[9] - قوله تعالى: {قال أ رأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر

صفحة 272 - الجزء 1

  أ - وذكر القاضي وجها آخر⁣(⁣١) فقال: إنه تعالى لما ذكر من قبل أمر القيامة وما يجري عند الحشر ووضع الكتاب وكأن اللّه تعالى يريد أن يذكر ههنا أنه ينادي المشركين ويقول لهم: أين شركائي الذي زعمتم؟ وكان قد علم تعالى أن إبليس هو الذي يحمل الإنسان على إثبات هؤلاء الشركاء، لا جرم قدم قصته في هذه الآية إتماما لذلك الغرض. ثم قال القاضي: وهذه القصة وإن كان تعالى قد كررها في سور كثيرة إلّا أن في كل موضع منها فائدة مجددة⁣(⁣٢).

  ب - أنه تعالى بين في هذه الآية أن إبليس كان من الجن، وللناس في هذه المسألة ثلاثة أقوال: ... الثالث: أنه كان خازن الجنة ونسب إلى الجنة كقولهم كوفي وبصري، وعن سعيد بن جبير أنه كان من الجنانين الذين يعملون في الجنات حي من الملائكة يصوغون حلية أهل الجنة مذ خلقوا، رواه القاضي في تفسيره، عن هشام عن سعيد بن جبير⁣(⁣٣).

[٩] - قوله تعالى: {قالَ أَ رَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ


(١) اعلم أن المقصود من ذكر الآيات المتقدمة الرد على القوم الذين افتخروا بأموالهم وأعوانهم على فقراء المسلمين وهذه الآية المقصود من ذكرها عين هذا المعنى، وذلك لأن إبليس إنما تكبر على آدم لأنه افتخر بأصله ونسبه وقال: خلقتني من نار وخلقته من طين فأنا أشرف منه في الأصل والنسب فكيف أسجد وكيف أتواضع له! وهؤلاء المشركون عاملوا فقراء المسلمين بعين هذه المعاملة فقالوا: كيف نجلس مع هؤلاء الفقراء مع أنا من أنساب شريفة وهم من أنساب نازلة ونحن أغنياء وهم فقراء، فاللّه تعالى ذكر هذه القصة ههنا تنبيها على أن هذه الطريقة هي بعينها طريقة إبليس ثم إنه تعالى حذر عنها وعن الاقتداء بها في قوله: {أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ} فهذا هو وجه النظم وهو حسن معتبر. راجع الرازي: التفسير الكبير ج ٢١/ ١٣٦.

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ٢١/ ١٣٦.

(٣) م. ن ج ٢١/ ١٣٦.