تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[13] - قوله تعالى: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون 55}

صفحة 211 - الجزء 1

  ويبغون الغوائل. فلهذا السبب، ما كان في خروجهم مع الرسول مصلحة. قال القاضي: هذا بعيد، لأن هذه الآية نزلت في غزوة تبوك على وجه الذم للمتخلفين والمدح للمبادرين، وأيضا ما بعد هذه الآية يدل على ذم القاعدين وبيان حالهم⁣(⁣١).

[١٣] - قوله تعالى: {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ ٥٥}

  قال القاضي: وههنا سؤالان: الأول: وهو أن يقال: المال والولد لا يكونان عذابا، بل هما من جملة النعم التي من اللّه بها على عباده، فعند هذا التزم هؤلاء التقديم والتأخير، إلّا أن هذا الالتزام لا يدفع هذا السؤال لأنه يقال: بعد هذا التقديم والتأخير، فكيف يكون المال والولد عذابا؟ فلا بدّ لهم من تقدير حذف في الكلام بأن يقولوا أراد التعذيب بها من حيث كانت سببا للعذاب. وإذا قالوا ذلك فقد استغنوا عن التقديم والتأخير، لأنه يصحّ أن يقال يريد اللّه أن يعذبهم بها في الدنيا من حيث كانت سببا للعذاب، وأيضا فلو أنه قال: «فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا» لم يكن لهذه الزيادة كثير فائدة، لأن من المعلوم أن الإعجاب بالمال والولد لا يكون إلّا في الدنيا، وليس كذلك حال العذاب، فإنها قد تكون في الدنيا كما تكون في الآخرة، فثبت أن القول بهذا التقديم والتأخير ليس بشيء⁣(⁣٢) (⁣٣).

[١٤] - قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ ٦٤}


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٦/ ٧٥.

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ١٦/ ٩٣.

(٣) م. ن ج ١٦/ ٩٣.