تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[3] - قوله تعالى: {وقال الذين لا يرجون لقاءنا لو لا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا 21}

صفحة 300 - الجزء 1

  اللّه آلهة على الجمع، فالأقرب أن المراد به عباد الأصنام، ويجوز أن يدخل فيه من عبد الملائكة لأن لمعبودهم كثرة⁣(⁣١).

[٣] - قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً ٢١}

  أ - ههنا مسائل: المسألة الأولى: قال الفرّاء: قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا} معناه لا يخافون لقاءنا، ووضع الرجاء في موضع الخوف لغة تهامية، إذا كان معه جحد، ومثله قوله تعالى: {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ١٣}⁣[نوح: ١٣] أي لا تخافون له عظمة، وقال القاضي: لا وجه لذلك، لأن الكلام متى أمكن حمله على الحقيقة لم يجز حمله على المجاز، ومعلوم أن من حال عبّاد الأصنام أنهم كما لا يخافون العقاب لتكذيبهم بالمعاد، فكذلك لا يرجون لقاءنا ووعدنا على الطاعة من الجنة والثواب، ومعلوم أن من لا يرجو ذلك لا يخاف العقاب أيضا، فالخوف تابع لهذا الرجاء⁣(⁣٢).

  ب - المسألة الثانية: المجسمة تمسكوا بقوله تعالى: {لِقاءَنا} ...

  فدلت الآية على أنه سبحانه جسم والجواب على طريقين ... الثاني: وهو كلام المعتزلة، قال القاضي: تفسير اللقاء برؤية البصر جهل باللغة، فيقال في الدعاء:

  لقاك اللّه الخير وقد يقول القائل: لم ألق الأمير، وإن رآه من بعد أو حجب عنه، ويقال في الضرير: لقي الأمير، إذا أذن له ولم يحجب وقد يلقاه في الليلة الظلماء، ولا يراه بل المراد من اللقاء ههنا هو المصير إلى حكمه حيث لا حكم


(١) م. ن ج ٢٤/ ٥٠.

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٤/ ٦٨.