[78] - قوله تعالى: {أ لم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين 258}
  الظلمات إلى النور على أنه تعالى يعدل بهم من النار إلى الجنة، قال القاضي: هذا أدخل في الحقيقة، لأن ما يقع من ذلك في الآخرة يكون من فعله تعالى فكأنه فعله(١).
[٧٨] - قوله تعالى: {أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٢٥٨}
  أ - ... الحجة الثانية: ما ذكره أبو بكر الأصم، وهو أن إبراهيم ﷺ لو كان هو الملك لما قدر الكافر أن يقتل أحد الرجلين ويستبقي الآخر، بل كان إبراهيم ﷺ يمنعه منه أشد منع، بل كان يجب أن يكون كالملجأ إلى أن لا يفعل ذلك، قال القاضي: هذا الاستدلال ضعيف، لأنه من المحتمل أن يقال: إن إبراهيم ﷺ كان ملكا وسلطانا في الدين والتمكن من إظهار المعجزات، وذلك الكافر كان ملكا مسلطا قادرا على الظلم، فلهذا السبب أمكنه قتل أحد الرجلين، وأيضا فيجوز أن يقال: إنما قتل أحد الرجلين قوما، وكان الاختيار إليه، واستبقى الآخر، إما لأنه لا قتل عليه أو بذل الدية واستبقاه(٢).
  ب - {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فقال القاضي: يحتمل وجوها:
  منها: أنه لا يهديهم لظلمهم وكفرهم للحجاج وللحق كما يهدي المؤمن فإنه لا بد في الكافر من أن يعجز وينقطع. وأقول: هذا ضعيف، لأن قوله لا يهديهم للحجاج، إنما يصحّ حيث يكون الحجاج موجودا ولا حجاج على الكفر، فكيف يصحّ أن يقال: إن اللّه تعالى لا يهديه إليه، قال القاضي: ومنها أن يريد
(١) م. ن ج ٧/ ٢٠.
(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ٧/ ٢٤.