تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[11] - قوله تعالى: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين 44}

صفحة 187 - الجزء 1

  أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٤٣}

  قال القاضي: قوله تعالى: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} خطاب عام في حق جميع المؤمنين، وذلك يدل على أن كل من دخل الجنة فإنما يدخلها بعمله، وإذا كان الأمر كذلك امتنع قول من يقول: أن الفساق يدخلون الجنة تفضلا من اللّه تعالى⁣(⁣١).

[١١] - قوله تعالى: {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ٤٤}

  أ - وههنا سؤالات: السؤال الأول: إذا كانت الجنة في أعلى السماوات، والنار في أسفل الأرضين، فمع هذا البعد الشديد كيف يصحّ هذا النداء؟ والجواب: هذا يصحّ على قولنا: لأنا عندنا البعد الشديد والقرب الشديد ليس من موانع الإدراك، والتزم القاضي ذلك وقال: إن في العلماء من يقول في الصوت خاصية إن البعد فيه وحده لا يكون مانعا من السماع⁣(⁣٢).

  ب - {أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ... وقال القاضي: المراد منه، كل من كان ظالما سواء كان كافرا أو كان فاسقا تمسكا بعموم اللفظ.

[١٢] - قوله تعالى: {وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ ٤٦}


(١) م. ن ج ١٤/ ٨٣.

(٢) م. ن ج ١٤/ ٨٤.