[19] - قوله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين 96}
[١٩] - قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ ٩٦}
  قال القاضي: إن الذي يقال من أنه رفع زمان الطوفان إلى السماء بعيد، وذلك لأن الموضع الشريف هو تلك الجهة المعينة، والجهة لا يمكن رفعها إلى السماء ألا ترى أن الكعبة والعياذ باللّه تعالى لو انهدمت ونقل الأحجار والخشب والتراب إلى موضع آخر لم يكن له شرف البتة، ويكون شرف تلك الجهة باقيا بعد الانهدام، ويجب على كل مسلم أن يصلي إلى تلك الجهة بعينها، وإذا كان كذلك فلا فائدة في نقل تلك الجدران إلى السماء ولقائل أن يقول: لما صارت تلك الأجسام في العزة إلى حيث أمر اللّه بنقلها إلى السماء، وإنما حصلت لها هذه العزة بسبب أنها كانت حاصلة في تلك الجهة، فصار نقلها إلى السماء من أعظم الدلائل على غاية تعظيم تلك الجهة وإعزازها، فهذا جملة ما في هذا القول(١).
[٢٠] - قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ١٠٦}
  أ - قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} ... وأجاب القاضي عنه(٢)، بأن عدم ذكر القسم الثالث لا يدلّ على عدمه، يبيّن ذلك أنه تعالى إنما
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٨/ ١٥٤.
(٢) ما أجاب عنه القاضي هو: قال الرازي: احتج أصحابنا بهذه الآية على أن المكلف إما مؤمن وإما كافر، وأنه ليس ههنا منزلة بين المنزلتين كما يذهب إليه المعتزلة. فقالوا:
إنه تعالى قسّم أهل القيامة إلى قسمين: منهم من يبيض وجهه وهم المؤمنون، ومنهم من يسود وجهه وهم الكافرون، ولم يذكر الثالث، فلو كان ههنا قسم ثالث لذكره اللّه =