[16] - قوله تعالى: {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين 107}
  أنه فعل ذلك الكذب لرعاية بعض المصالح التي لا يعرفها إلّا اللّه تعالى(١).
[١٦] - قوله تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ١٠٧}
  قال القاضي: المراد أن اللّه لا يهديهم إلى الجنة، فيقال له: هذا ضعيف، لأن قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} معطوف على قوله:
  {ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ} فوجب أن يكون قوله:
  {وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} علة وسببا موجبا لإقدامهم على ذلك الارتداد، وعدم الهداية يوم القيامة إلى الجنة ليس سببا لذلك الارتداد، ولا علة له بل مسببا عنه ومعلولا له فبطل هذا التأويل، ثم أكد بيان أنه تعالى صرفهم عن الإيمان فقال: {أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ} قال القاضي: الطبع ليس يمنع من الإيمان، ويدل عليه وجوه: الأول: أنه تعالى ذكر ذلك في معرض الذم لهم، ولو كانوا عاجزين عن الإيمان به لما استحقوا الذم بتركه. والثاني: أنه تعالى أشرك بين السمع والبصر وبين القلب في هذا الطبع ومعلوم من حال السمع والبصر أن مع فقدهما قد يصحّ أن يكون مؤمنا فضلا عن طبع يلحقهما في القلب. والثالث: وصفهم بالغفلة، ومن منع الشيء لا يوصف بأنه غافل عنه، فثبت أن المراد بهذا الطبع السمة والعلامة التي يخلقها في القلب(٢).
[١٧] - قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ١١١}
  قال القاضي: هذه الآية من أقوى ما يدل على ما نذهب إليه في الوعيد،
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٠/ ٩٨ (طبعة دار الكتب العلمية).
(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٠/ ١٢٤.