تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[72] - قوله تعالى: {ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين 250}

صفحة 111 - الجزء 1

  من يصبر على الحرب ممن لا يصبر لأن الرجوع قبل لقاء العدو لا يؤثر كتأثيره حال لقاء العدو ... المسألة الثالثة: في النهر أقوال أحدها: وهو قول قتادة، والربيع، أنه نهر بين الأردن وفلسطين، والثاني: وهو قول ابن عباس، والسدي:

  أنه نهر فلسطين، قال القاضي: والتوفيق بين القولين أن النهر الممتد من بلد قد يضاف إلى أحد البلدين⁣(⁣١).

[٧٢] - قوله تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ٢٥٠}

  وهو قوله: {وَثَبِّتْ أَقْدامَنا} وهذا صريح في أن الإرادة من فعل العبد وبخلق اللّه تعالى، أجاب القاضي عنه بأن المراد من الصبر وتثبيت القدم تحصيل أسباب الصبر وأسباب ثبات القدم، وتلك الأسباب أمور أحدها: أن يجعل في قلوب أعدائهم الرعب والجبن منهم فيقع بسبب ذلك منهم الاضطراب فيصير ذلك سببا لجراءة المسلمين عليهم، ويصير داعيا لهم إلى الصبر على القتال وترك الانهزام، وثانيها: أن يلطف ببعض أعدائهم في معرفة بطلان ما هم عليه فيقع بينهم الاختلاف والتفرق ويصير ذلك سببا لجراءة المؤمنين عليهم، وثالثها: أن يحدث تعالى فيهم وفي ديارهم وأهاليهم من البلاء مثل الموت والوباء، وما يكون سببا لاشتغالهم بأنفسهم، ولا يتفرغون حينئذ للمحاربة فيصير ذلك سببا لجراءة المسلمين عليهم، ورابعها: أن يبتليهم بمرض وضعف يعمهم أو يعم أكثرهم، أو يموت رئيسهم ومن يدبر أمرهم فيعرف المؤمنون ذلك فيصير ذلك سببا لقوة قلوبهم، وموجبا لأن يحصل لهم الصبر والثبات، هذا كلام القاضي⁣(⁣٢).

[٧٣] - قوله تعالى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ


(١) م. ن ج ٦/ ١٩٣.

(٢) م. ن ج ٦/ ٢٠٠.