تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[24] - قوله تعالى: {أ فلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا 82}

صفحة 157 - الجزء 1

  النعم وقلتها إلى اللّه جائزة، أما إضافة النصر والهزيمة إلى اللّه فغير جائزة، لأن السيئة إذا كانت بمعنى الهزيمة والقتل لم يجز إضافتها إلى اللّه⁣(⁣١).

[٢٤] - قوله تعالى: {أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ٨٢}

  وفي الآية مسائل: ... المسألة الثانية: اعلم أن ظاهر الآية يدل على أنه تعالى احتج بالقرآن على صحة نبوّة محمد ، إذ لو تحمل الآية على ذلك لم يبق لها تعلق بما قبلها البتة، والعلماء قالوا: دلالة القرآن على صدق محمد من ثلاثة أوجه: أولها: فصاحته. وثانيها: اشتماله على الإخبار عن الغيوب.

  والثالث: سلامته عن الاختلاف، وهذا هو المذكور في هذه الآية، ثم القائلون بهذا القول ذكروا في تفسير سلامته عن الاختلاف ثلاثة أوجه: ... الوجه الثالث: في تفسير قولنا: القرآن سليم عن الاختلاف ما ذكره أبو مسلم الأصفهاني، وهو أن المراد منه الاختلاف في رتبة الفصاحة، حتى لا يكون في جملته ما يعد في الكلام الركيك، بل بقيت الفصاحة فيه من أوله إلى آخره على نهج واحد، ومن المعلوم أن الإنسان وإن كان في غاية البلاغة ونهاية الفصاحة، فإذا كتب كتابا طويلا مشتملا على المعاني الكبيرة، فلا بد وأن يظهر التفاوت في كلامه بحيث يكون بعضه قويا متينا وبعضه سخيفا نازلا، ولما لم يكن القرآن


= إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ} فعند هذا قال اليهود والمنافقون: ما رأينا أعظم شؤما من هذا الرجل، نقصت ثمارنا وغلت أسعارنا منذ قدم، فقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ} يعني الخصب ورخص السعر وتتابع الأمطار قالوا: هذا من عند اللّه {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} جدب وغلاء سعر قالوا هذا من شؤم محمد، وهذا كقوله تعالى:

{فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ}⁣[الأعراف: ١٣١] وعن قوم صالح: {قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ}.

(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٠/ ١٨٨.