تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[6] - قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون 24}

صفحة 202 - الجزء 1

  تقدم بها الوعد، فقد جاءكم الفتح، أي حصل ما وعدتم به فاشكروا اللّه والزموا طاعته. قال القاضي: وهذا القول أولى لأن قوله: {فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ} لا يليق إلّا بالمؤمنين، أما لو حملنا الفتح على البيات والحكم والقضاء، لم يمتنع أن يراد به الكفار⁣(⁣١).

[٦] - قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٢٤}

  في الآية وجوها: الأول: أن اللّه تعالى يحول بين المرء وبين الانتفاع بقلبه بسبب الموت، يعني بذلك أن تبادروا في الاستجابة فيما ألزمتكم من الجهاد وغيره قبل أن يأتيكم الموت الذي لا بد منه ويحول بينكم وبين الطاعة والتوبة. قال القاضي: ولذلك قال تعالى عقيبه ما يدل عليه وهو قوله: {وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} والمقصود من هذه الآية الحث على الطاعة قبل نزول الموت الذي يمنع منها⁣(⁣٢).

[٧] - قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٢٧}

  المسألة الأولى: اختلفوا في المراد بتلك الخيانة على أقوال: ... قال القاضي: الأقرب أن خيانة اللّه غير خيانة رسوله، وخيانة الرسول غير خيانة الأمانة، لأن العطف يقتضي المغايرة⁣(⁣٣).


(١) م. ن ج ١٥/ ١٤٣.

(٢) م. ن ج ١٥/ ١٤٩.

(٣) الرازي: التفسير الكبير ج ١٥/ ١٥٢.