تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[11] - قوله تعالى: {ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين 45}

صفحة 228 - الجزء 1

  مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ٢٧}

  أ - {جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها} والمقصود من هذا القيد التنبيه على الفرق بين الحسنات وبين السيئات، لأنه تعالى ذكر في أعمال البر أنه يوصل إلى المشتغلين بها الثواب مع الزيادة وأما في عمل السيئات، فإنه تعالى ذكر أنه لا يجازي إلّا بالمثل، والفرق هو أن الزيادة على الثواب تكون تفضلا وذلك حسن، ويكون فيه تأكيد للترغيب في الطاعة، وأما الزيادة على قدر الاستحقاق في عمل السيئات، فهو ظلم، ولو فعله لبطل الوعد والوعيد والترهيب والتحذير، لأن الثقة بذلك إنما تحصل إذا ثبتت حكمته، ولو فعل الظلم لبطلت حكمته. تعالى اللّه عن ذلك، هكذا قرره القاضي تفريعا على مذهبه⁣(⁣١).

  ب - وقال القاضي: إن قوله: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ} عام يتناول الكافر والفاسق⁣(⁣٢).

[١١] - قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ ٤٥}

  وفيه مسائل: ... المسألة الرابعة: قيل: كأن لم يلبثوا إلّا ساعة من النهار. وقيل: في قبورهم، والقرآن وارد بهذين الوجهين قال تعالى:

  {قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ١١٢ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}⁣[المؤمنون: ١١٢ - ١١٣] قال القاضي: والوجه الأول أولى لوجهين: أحدهما: أن حال المؤمنين كحال الكافرين في أنهم لا يعرفون مقدار لبثهم بعد الموت إلى وقت الحشر، فيجب أن يحمل ذلك على أمر يختص بالكفار، وهو أنهم لما لم ينتفعوا بعمرهم استقلوه، والمؤمن لما انتفع بعمره فإنه لا يستقله. الثاني: أنه قال:


(١) م. ن ج ١٧/ ٨٠.

(٢) م. ن ج ١٧/ ٨١.