[5] - قوله تعالى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون 103}
  سبحانه من خلق الأشياء، فإنه بين أنه لم يخلقها للخلود، وإنما خلقها ليتوصل بها إلى نعيم الآخرة، فلا بد لكل إنسان من الموت، والرجوع إلى الجزاء، عن القاضي(١).
[٤] - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ١٠١}
  واحتجّ القاضي عبد الجبار على فساد هذا القول الأول(٢) بأمور:
  أحدها: أن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى} يقتضي أن الوعد بثوابهم قد تقدم في الدنيا وليس هذا حال من يخرج من النار لو صحّ ذلك. وثانيها: أنه تعالى قال: {أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ} وكيف يدخل في ذلك من وقع فيها. وثالثها: قوله تعالى: {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها} وقوله: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} يمنع من ذلك(٣).
[٥] - قوله تعالى: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ١٠٣}
  قال القاضي عبد الجبار: الأولى في ذلك إنه الفزع من النار عند
(١) الطبرسي: مجمع البيان ج ٧/ ٨٧.
(٢) هذا القول هو: قوله {أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ} فقال أهل العفو: معناه أولئك عنها مخرجون، واحتجوا عليه بوجهين: الأول: قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها} أثبت الورود وهو الدخول، فدل على أن هذا الإبعاد هو الإخراج.
الثاني: أن إبعاد الشيء لا يصحّ إلّا إذا كانا متقاربين لأنهما لو كانا متباعدين استحال إبعاد أحدهما عن آخر، لأن تحصيل الحاصل محال.
الرازي: التفسير الكبير ج ٢٢/ ٢٢٧.
(٣) م. ن ج ٢٢/ ٢٢٧.