[56] - قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين 198}
  عنها نهيا عن جميع أقسامها، وعلى هذا الوجه تكون هذه الآية كالحث على الأخلاق الجميلة، والتمسك بالآداب الحسنة، والاحتراز عما يحبط ثواب الطاعات(١).
  ب - وروى محمد بن جرير الطبري، عن ابن عمر قال: كانوا إذا أحرموا ومعهم أزودة رموا بها فنهوا عن ذلك بهذه الآية، قال القاضي: وهذا بعيد، لأن قوله: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى} راجع إلى قوله: {وَتَزَوَّدُوا} فكان تقديره: وتزودوا من التقوّى، والتقوّى في عرف الشرع والقرآن عبارة عن فعل الواجبات وترك المحظورات قال: فإن أردنا تصحيح هذا القول ففيه وجهان:
  أحدهما: أن القادر على أن يستصحب الزاد في السفر إذا لم يستصحبه عصى اللّه في ذلك، فعلى هذا الطريق صحّ دخوله تحت الآية. والثاني: أن يكون في الكلام حذف، ويكون المراد: وتزودوا العاجل سفركم وللآجل. فإن خير الزاد التقوى(٢).
[٥٦] - قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ١٩٨}
  فيه أقوال: ... القول الثالث: أن المراد بقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} هو أن يبتغي الإنسان حال كونه حاجا أعمالا أخرى تكون موجبة لاستحقاق فضل اللّه ورحمته مثل إعانة الضعيف، وإغاثة الملهوف، وإطعام الجائع، وهذا القول منسوب إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر $، واعترض القاضي عليه بأن هذا واجب أو مندوب، ولا يقال في مثله: لا جناح
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٥/ ١٨٢.
(٢) م. ن ج ٥/ ١٨٥.