تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[75] - قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون 254}

صفحة 113 - الجزء 1

  وتنتفي على وجوه لم يكن في الظاهر دلالة على الوجه المخصوص، لا سيما وهذه الأنواع من المشيئة متباينة متنافية⁣(⁣١).

[٧٥] - قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٢٥٤}

  قال القاضي: هذا التأويل⁣(⁣٢) غير صحيح لأن قوله: {وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} كلام مبتدأ فلم يجب تعليقه بما تقدم⁣(⁣٣).

[٧٦] - قوله تعالى: {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا


= فدل ذلك على أن الكفر والإيمان والطاعة والعصيان بقضاء اللّه وقدره ومشيئته، وعلى أن قتل الكفار وقتالهم للمؤمنين بإرادة اللّه تعالى. وأما المعتزلة فقد أجابوا عن الاستدلال، وقالوا: المقصود من الآية بيان أن الكفار إذا قتلوا فليس ذلك بغلبة منهم للّه تعالى وهذا المقصود يحصل بأن يقال: إنه تعالى لو شاء لأهلكهم وأبادهم أو يقال: لو شاء لسلب القوى والقدر منهم أو يقال: لو شاء لمنعهم من القتال جبرا وقسرا وإذا كان كذلك فقوله: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ} المراد منه هذه الأنواع من المشيئة، وهذا كما يقال: لو شاء الإمام لم يعبد المجوس النار في مملكته، ولم تشرب النصارى الخمر، والمراد منه المشيئة التي ذكرناها - الرازي: التفسير الكبير ج ٦/ ٢١٩.

(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٦/ ٢١٩.

(٢) التأويل هو: أوهم ذلك نفي الخلة والشفاعة مطلقا، فذكر تعالى عقيبه: {وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ليدل على أن ذلك النفي مختص بالكافرين، وعلى هذا التقدير تصير الآية دالة على إثبات الشفاعة في حق الفساق. - الرازي: التفسير الكبير ج ٦/ ٢٢١.

(٣) الرازي: التفسير الكبير ج ٦/ ٢٢١.