[29] - قوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم 155}
[٢٨] - قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ١٥٣}
  قال الحسن: يريد غم يوم أحد للمسلمين بغم يوم بدر للمشركين، والمقصود منه أن لا يبقى في قلبكم التفات إلى الدنيا، فلا تفرحوا بإقبالها ولا تحزنوا بإدبارها، وهو المعنى بقوله: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ} في واقعة أحد {وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ}[الحديد: ٢٣] في واقعة بدر، طعن القاضي في هذا الوجه وقال: إن غمهم يوم أحد إنما كان من جهة استيلاء الكفار، وذلك كفر ومعصية، فكيف يضيفه اللّه إلى نفسه(١)؟
[٢٩] - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ١٥٥}
  قالت المعتزلة: ذلك الذنب إن كان من الصغائر جاز العفو عنه من غير توبة، وإن كان من الكبائر لم يجز إلا مع التوبة، فههنا لا بد من تقدم التوبة منهم، وإن كان ذلك غير مذكور في الآية، قال القاضي: والأقرب أن ذلك الذنب كان من الصغائر ويدل عليه وجهان: الأول: أنه لا يكاد في الكبائر يقال أنها زلة، إنما يقال ذلك في الصغائر. الثاني: أن القوم ظنوا أن الهزيمة لما وقعت على المشركين لم يبق إلى ثباتهم في ذلك المكان حاجة، فلا جرم انتقلوا عنه وتحولوا لطلب الغنيمة، ومثل هذا لا يبعد أن يكون من باب الصغائر لأن للاجتهاد في مثله مدخلا، وأما على قول أصحابنا فالعفو عن الصغائر والكبائر
(١) م. ن ج ٩/ ٤١.